سمعنا القرار الأخير بإلغاء التصريح المرن أو ما يعرف بـ«الفيزا المرنة»، حيث يبدو من الواضح أنه كان محط استهجان طيلة السنوات الخمس الماضية من قبل التجار الذين سحب البساط منهم حين تم سلبهم نظام الكفالة مبدئياً بدون سابق إنذار قبل سنتين من كورونا تقريباً بسبب مشاكل العمالة السائبة والتي كانت تقدر بحوالي 24 ألف عامل وعاملة تقريباً في العام 2017.

وبإلقاء نظرة سريعة على آثار القرار، أعلن رئيس غرفة البحرين أن القرار سحب حوالي 110 آلاف عامل إلى نظام الكفالة الحرة بدون سجلات، حيث لا توجد إحصاءات دقيقة إلى الآن، ولكن بحساب أن رسوم العامل تبلغ 500 دينار أي ما يعادل حوالي 55 مليون دينار سنوياً، بالإضافة إلى حوالي 40 مليون دينار سنوياً بواقع 30 ديناراً شهرياً رسوم هيئة تنظيم سوق العمل وبما مجموعه 95 مليون دينار، ستغذي السوق بها قريباً تحت مظلة وزارة الصناعة والتجارة وبالتعاون مع القطاع الخاص.

هذا الأمر، يعيدنا إلى سيناريو عام 2019 بعد تداعيات الركود الاقتصادي العالمي، الأمر الذي استدعى معه تدخلاً حكيماً بإنشاء صندوق السيولة بقيمة 100 مليون دينار لمحاولة وقف جملة إفلاسات الشركات الكبيرة لحين الانتهاء من خطة الدين العام.

الأمر الذي لم يكن بالحسبان مباغتة وباء كورونا (كوفيد19)، نهاية نفس العام بسنة صعبة كانت المؤسسات المتوسطة قد استنفدت كل مدخراتها وبدأت بصرف القروض من صندوق السيولة لمحاولة مواكبة حجم التغيير في سوق صغيرة، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية لوباء كوفيد من وقف المشاريع الحكومية الكبرى وتكرار الإغلاق الشامل لمكافحة الوباء الذي أدى إلى إغلاق الكثير من السجلات التجارية وتنشيط التجارة الإلكترونية، حتى فقد القطاع التجاري السيطرة على العمالة التي تحولت لعمالة حرة تقود نفسها بنفسها وتضع نظاماً آخر لشكل التقاضي أو الراتب.

اليوم، وبعد خسارة سيولة مسحوبة من نظام تجاري يغذي التاجر البحريني بقيمة نصف مليار دينار خلال السنوات الماضية وانهيار نظام الكفيل مما خلف الكثير من السجلات المفرغة من الأعمال التجارية وعدم الحاجة إلى نظام البحرنة بسبب سيطرة العمالة على قرارها، ما أدى إلى عزوف التجار عن توظيف البحرينيين، تعاود الحكومة الموقرة تحت مظلة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، بأخذ قرار تكتيكي جريء يعيد السيولة للقطاع التجاري عبر إنعاش السجلات وتنشيط الأعمال لدرء ارتفاع تكاليف رواتب العمالة وإجبار القطاعات التجارية لإعادة تنشيط البحرنة وبالتالي الإسهام في رفع اشتراكات صناديق التقاعد وصناديق التعطل وصندوق تمكين في سلسلة تكمل بعضها بعضاً، وهو قرار حكيم جداً وليس غريباً على حكمة وتقدير رجل البلاد الأول.

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية