لطالما كانت هناك مبارزات قبل الحروب لإشعال الحماس في صفوف الجيوش، فيتقدم المبارزون وتتعالى الأصوات حتى ينتهي النزال وتبدأ المعركة، الأمر مشابه لما يحدث اليوم فالمعترك الانتخابي يبدأ قبل فترة الترشح لتجد الأصوات التي تتعالى معلنة نيتها في الترشح وذلك في رسالة خفية للمنافسين المترددين.

ما شهدناه خلال فترة الطعون والعدد الكبير من الطعون الذي تم تقديمه للجان الإشرافية من قبل المترشحين على بعضهم البعض قد أعلن عن منافسة مبكرة في الساحة الانتخابية، فلقد تم قبول عدد من الطعون أدت إلى سقوط المرشح الأكبر أو المنافس الأشد لممثل الدائرة الحالي في حال ترشحه مرة أخرى.

ومن المفارقات التي شهدتها هذه الانتخابات هي تغيير عدد من المرشحين الذين نافسوا فيما مضى على دوائر مختلفة ولم يوفقوا فيها لقوة المنافس، فعملوا خلال السنوات الأربعة على تغيير عناوينهم وصنع سمعة وتسجيل حضور في دوائر مختلفة حتى يتمكنوا من الترشح في دائرة مختلفة عن التي لم يوفقوا فيها مسبقاً، إلا أنهم صدموا بقبول طعن تقدم به منافسهم السابق وأصبحت الساحة أقل تنافسية مما كان سيرفع من حظوظهم لو أنهم تواجدوا بذات الدائرة التي سبق وأن نافسوا على مقعدها.

ولن نسبق الحكم على ظاهرة تغيير عناوين الدوائر من قبل المرشحين الذين خسروا مقاعدهم ومحاولتهم في دوائر أخر حتى تعلن النتائج، فهناك عدد من الذين تم رصدهم على رادار المراقبين لتقييم هذه الظاهرة ومدى إمكانية نجاحها من فشلها، فهل يستطيع مرشح دخيل على دائرة غير التي ترشح فيها مسبقاً الظفر بمقعد الدائرة؟

كما أن هناك عدداً من الظواهر الاجتماعية الغريبة هذه المرة وهي الأخبار التي تحدثت عن تنافس «نسايب» و«مطلقين» وأبناء عمومة، وهذه التي من شأنها أن تخلق نوعاً من الانشقاق الأسري والاجتماعي في سبيل الوصول لقبة البرلمان، ولذلك نكرر مرة أخرى أن الفائز في هذه الانتخابات ليس من يفوز بمقعد الدائرة فقط، إنما من يخرج من هذه الانتخابات من دون ذنوب يحملها على عاتقه جراء خوضه في خصومه، والرابح الأكبر من يخرج دون خصومة بل بكسب إخوان وأخوات من المنافسين.