في فترة انتشار جائحة كورونا (كوفيد19)، منذ عام 2020 وحتى عام 2022، أغلقت أبواب المدارس والجامعات حفاظاً على سلامة الطلبة، واتجهت المؤسسات التعليمية في جميع دول العالم إلى مواصلة العملية التعليمية عن بُعد، معتمدين على المنصات الإلكترونية، مستعينين بأجهزة الحاسوب والهواتف النقالة، ولجأ التعليم خاصة للمرحلة الثانوية والجامعية إلى الدروس النموذجية التي تطرح لجميع الطلبة سواء كانت هذه الدروس تطرح في شكل مادة تعليمية مكتوبة أو فيديوهات لمعلمين يقومون بشرح الدروس، ويستطيع الطالب الرجوع لهذه الدروس في أي وقت، والجميل في هذه التجربة أن الطلبة لم يقتصروا على الرجوع لهذه الدروس التي تطرح من قبل المؤسسات التعليمية التي ينتمون لها، بل لجؤوا للدروس التي تطرح من جميع المؤسسات التعليمية في جميع الدول العربية والأجنبية، فالطلبة بدؤوا حضور حصص للمواد العلمية لدروس تطرح في دول أجنبية باللغة الإنجليزية، كمواد الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء وغيرها في العلوم، مما وسع اطلاع الطلبة، وساعدهم على المزيد من اكتساب المهارات.

ولازلنا نذكر أن طلبة كلية التربية كانوا يدرسون مقرر تكنولوجيا التعليم، كإحدى الوسائل المعينة للتدريس والمساندة والمتطورة، ولم تكن تكنولوجيا التعلم أساسية بل تشكل إحدى الوسائل المعينة، أما اليوم وفي زمن كورونا (كوفيد19) فانقلبت الآية وبات التعلم عن طريق التكنولوجيا هي طريقة التعلم الرئيسية، وقد اجتهدت المؤسسات التعليمية خلال هذه الفترة لتطوير البنية التحتية والتكنولوجيا وتوفير أجهزة الحاسوب، وخطوط الإنترنت لمساندة التعلم الإلكتروني، وهنا وبعد العودة للتعلم الصفي الجماعي فلابد من مواصلة الاستفادة من هذه الإمكانيات التي أتيحت في هذه الفترة واعتبارها مكتسباً للعملية التعليمية يجب الحفاظ عليه واستغلالها.

ودعونا نعترف أنه بالرغم من السلبيات التي كان يطرحها أولياء الأمور حول التعلم عن بُعد إلا أن هناك العديد من الإيجابيات، وهو تعود الطلبة على التعلم الذاتي حيث تعود الطالب على خوض التجربة المعرفية وأتقن الوصول للمعلومات بسرعة وكفاءة، وبالتالي اختلفت أهمية تدريس المواد التي تعتمد على المعارف والحقائق والمعلومات، كمواد الجغرافيا والتاريخ، والأحياء، فلا داعي لتسجيل هذه المعلومات في الكتاب المدرسي لتصل إلى الطالب، وليضطر لحفظ هذه المعلومات واسترجاعها، واختلف دور المعلم في توصيل المعلومات والمعارف، فقد أصبح طالب المرحلة الثانوية والجامعية قادراً على التعلم الذاتي بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة بدلاً من الكتاب المدرسي، فيخوض التجربة المعرفية بنفسة، وبات قادراً على البحث عن المعلومات التي يحتاجها، واكتشافها واستقصائها، ومقارنة المعلومات والتوصل إلى الأنسب والأصلح منها، وأرى أن اكتساب الطالب لمهارات التعلم الذاتي من أهم المكاسب في مرحلة كورونا (كوفيد19)، ولكن يجب أن تعزز بتعلم الطالب مهارات النقد والتقييم للمعلومات التي يطلع عليها ليختار المعلومات والمفاهيم التي تتناسب وثوابت مجتمعنا.. ودمتم أبناء قومي سالمين.