أحفادنا وأبناؤنا مواليد العام الميلاديّ 2022 سيكونون بعد عقدين من الزّمن تقريباً، هم شباب وقادة المستقبل. وفي ظلّ الواقع الملموس للتّقنيات المتوفّرة والمتسارعة، وما سيتمّ اكتشافه في السّنوات القليلة القادمة من تقنيات وحلول وتطبيقات عالية الجودة في كلّ المجالات، لنا أن نتصوّر شكل الحياة الاجتماعيّة، والتّعليم، والمناهج المستقبليّة، وتفاصيلها الفنّيّة وبرمجيّاتها. وسرعة التّغيير الّذي يتدفّق كالسّيل هي أساس التّحدّي والابتكار والتّنافس بين الدّول، والوعي لا يتحقّق إلّا بعلم ومعرفة تساير كلّ جديد لأنّ الزّمن لا ينتظر من لم يتسلّح بالعلم. فالاقتصاد المعرفيّ أساسه العلم، والسّياسة بنظرياتها وتكتيكاتها علم، والأنظمة والقوانين علم، والمخترعات والابتكارات الحديثة الّتي ننعم بها قائمة على العلم الحديث المتجدّد.

عندما تفضّل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم رعاه الله وحفظه، بإصدار الأمر السّامي بالبدء بالمشروع الإصلاحيّ ورؤيته المستنيرة الّتي جسّدت اللّبنات الأولى لخارطة الطّريق المُستقبليّة، حيث جاءت رؤية مملكة البحرين 2030 الّتي دشّنت في العام 2008 لتستند على ثلاثة مبادئ أساسيّة، هي: «الاستدامة والعدالة والتّنافسيّة» كخطّة طريق واضحة المعالم لمستقبل مشرق وواعد. هنيئاً للأجيال القادمة بهذا الدّعم من قيادتنا الرّشيدة، والاستقرار السّياسيّ والاقتصاديّ، ومُناخ الْحُرّيّات والدّيمقراطيّة والْأمن والْأّمان الّذي جسّدَتْهُ الإرادةُ الملكيّة السّامية لجلالته أيّده الله، والّذي نقلنا بفكرِه الْمُستنيرِ ورُؤيَتِهِ الثَّاقِبَة إلى رِحَابِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُشرِقِ.

«ربّوا أبناءكم لزمانٍ غير زمانكم» قاعدة ذات قيمة بالغة في استشراف المستقبل والاستعداد له، حتّى لا تتفاجأ الأجيال المقبلة بالتّغييرات الجذريّة المعرفيّة والسّلوكيّة وطريقة التّفكير. واعتماد هذه القاعدة الذّهبيّة كفيل بإيجاد مجتمع صلب يعتزّ بقيمه وانتمائه، ويأخذ بمستجدّات الحياة ويستشعر المواطنة الإيجابيّة.

«برنامج رئيس مجلس الوزراء لتنمية الكوادر الحكوميّة، برنامج للرّيادة في القطاع العام» رأى النّور تماشياً مع رؤية صاحب السّموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء لخلق كوادر وطنيّة قياديّة تشارك في التّطوير والتّنمية من أجل نهضة المملكة. صُمّم هذا البرنامج لانتداب الكفاءات البحرينيّة الشّابة والمتميّزة من الجهات الحكوميّة لمدّة عام واحد إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء وتدريبهم على مستوى عالٍ في طرق البحث والتّحليل والقيادة بما يخدم عملهم الأساسيّ في جهاتهم الحكوميّة الأصليّة. تبني دولتنا السّعيدة وقيادتنا الرّشيدة الفريدة آمالاً وطموحات على جيل المستقبل، فمملكتنا الغالية تطمح إلى جيل متسلّح بالقيم وبالعلم والمعرفة، جيل يعمل ويتميّز، جيل يفكّر ويبتكر، جيل يعشق التّنافسيّة والتّفرّد والرّيادة والأسبقيّة، جيل يجتهد ويبدع ويتميّز من أجل إعلاء اسم مملكتنا الغالية في المحافل الدّوليّة، جيل يفخر بذاته وتفخر به دولته، جيل يعتمد على ذاته لتحقيق طموحاته، جيل من الطّراز الرّفيع لا يرضى إّلا بالمركز الأوّل.

لذا نرى أنّ التّعليم في مملكتنا الغالية يتصدّر اهتمام قياداتنا الكريمة، باعتباره ركيزة أساسيّة لتحقيق طموحات المملكة وآمالها المستقبليّة.

العلم والمعرفة ليسا شهادة فقط، وإنّما بناء شخصيّة قياديّة لها صفات عديدة منها: الإخلاص للوطن، والقيادة الحكيمة، والتّسامح والإيجابيّة، والطّموح، والصّبر وسماع وتقبّل الرّأي الآخر، وكذلك النّظرة المستقبليّة. من هذا المنطلق وفي إطار تسارع التّقنيات والحلول المبتكرة بات لزاماً على أولياء الأمور والمعلّمين والإداريّين في المؤسّسات التّعليميّة ومؤسّسات المجتمع المدنيّ مشاركة تجاربهم في الحياة مع جيل اليوم، وذلك لإغلاق الفجوة بينهم، وكذلك لتهيئة جيل ليس مسلّحاً بالعلم والمعرفة فقط، ولكن الأهم لبناء جيل واعد يمتلك شخصيّات قادرة على صناعة مستقبل وطن متميّز.

نواب الشعب القادمين للفصل التشريعي السادس قريباً نحتاج من يتصدر لهذا الهدف النبيل ويسعى لتأطيره بقانون واقتراحات تجعل منه هدفاً من ضمن الأولويات.

* باحث أكاديميّ