«أيهما أكبر.. فأر ضخم أم جبل صغير»؟!، سؤال منطقي يطرحه الخبراء للتفريق بين أجهزة الكمبيوتر المتطورة المزودة بالذكاء الاصطناعي وبين الذكاء البشري، حيث أشار أحد هؤلاء الخبراء إلى أن الأمر لا يتطلب أكثر من 6 ثوانٍ للتمييز بينهما.

الإجابة المنطقية هي أن الجبل الصغير أكبر من الفأر الضخم، أما إجابة الذكاء الاصطناعي ستذهب باتجاه الفأر الضخم، وذلك بسبب طبيعة البيانات والخوارزميات المزودة بالكمبيوتر، وهي أن «الضخم» أكبر من «الصغير» منطقياً.

سؤال خبير الذكاء الاصطناعي أحالني إلى العديد من القضايا التي يتم تحويلها من فأر صغير إلى جبل ضخم والعكس صحيح، بناء على ادعاءات وبيانات قد تكون مفبركة وغير حقيقية، ولكن من يتداولها ويساهم في نشرها يسعى لأهداف خاصة قد تكون تشويهاً للحقائق أو انتقاصاً من إنجاز معين.

وكإعلامية ومتابعة للشأن المحلي عن قرب، يؤسفني القول إن إعلامنا الوطني، سواء الرسمي أو الأهلي، لا يوفق في بعض الأحيان في تقزيم حجم الفأر والذي يحاول بعض المدعين تضخيمه بناء على أكاذيب وادعاءات لا أساس لها من الصحة، وفي ذات الوقت يعجز عن إظهار جبل الإنجازات الوطنية التي تتحقق كل يوم في مختلف المجالات.

كنت قد أشرت في أكثر من مقالة ومناسبة أن هناك مشكلة في سرعة التحرك الإعلامي، والبيروقراطية في اتخاذ القرار، ومستوى الحساسية العالي تجاه بعض القضايا المطروحة، وهو ما قد يفوت فرصة إظهار الحقائق الواضحة للعيان والرد على الأكاذيب والادعاءات المغلوطة.

في مملكة البحرين وبفضل جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وجهود صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لا نفتقد -ولله الحمد- إلى سقف عالٍ من الحرية الصحافية بجانب توفر كل ضمانات الحماية للإعلاميين، حسب الدستور والقوانين المنظمة للعمل الإعلامي، إلى جانب ما يتمتع به الصحافيون من دعم ومساندة ولكن للأسف الشديد، وعبر مسيرتي الإعلامية الطويلة في عدد من المؤسسات، وصلت إلى نتيجة وقناعة راسخة أن الكثير من الصحافيين والإعلاميين يضعون لأنفسهم سقوفاً أقل بكثير مما هو متاح ومتوفر بالأساس، وهو السبب الرئيس في ما وصلنا إليه. الصحافة والإعلام جزء ركين من سلطات الدول الحديثة الديمقراطية، يلقى الرعاية والتشجيع والدعم من قبلها ليقوم بالدور المنوط به كمرآة عاكسة لقضايا وهموم المواطن، ضمن ضوابط المهنية والاحترافية والوطنية، وبما يخدم المصلحة العليا للدولة دون مبالغة أو تهويل.

وأخيراً.. سيبقى جبل إنجازاتنا الوطنية ضخماً وسيبقى فأر ادعاءاتهم ومبالغاتهم صغيراً مهما حاولوا تضخيمه، كما ستبقى مسؤولية إعلامنا كبيرة ومهمة إذا أخذنا زمام المبادرة كما يجب.