بمناسبة الهجرة النبوية الشريفة، يحتفل العالم الإسلامي بالعام الهجري الجديد، ليمر على أذهان الكثيرين الرحلة الشريفة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه وقد سبقوهما صحابة رسول الله، رضي الله عنهم، إلى المدينة المنورة، لم نكن معهم في تلك الذكريات والمحنة ولكننا نعيش تلك اللحظات ونتخيلها كل يوم وكأننا عشنا تلك التفاصيل بحلوها ومرها، نعرف رسول الله تماماً ونعرف أهل بيته وصحابته ونعرف أعداءه وحلفاءه، لم تغب حياة سيد الخلق عن بالنا للحظه فهو عليه الصلاة والسلام يعيش في كياننا وفي دمنا وأرواحنا، فهو ليس محمد بن عبدالله وإنما خير البشر، آمنا به ولم نره ويعيش بيننا كأنه معنا عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم.

الفرار بالدين والحفاظ عليه هي مرحلة انتقالية في غاية الأهمية من مكة إلى المدينة للحفاظ على الدين ونشره وبداية تأسيس للدولة الإسلامية بالمبادئ الإسلامية التي يرتضيها للمسلمين وعلاقتهم بمن حولهم، فالهجرة النبوية كانت الهجرة من الظلام إلى أحضان الإسلام حيث التغيير للأفضل، لم تكن هجرة فحسب وإنما تاريخ خالد لملحمة الإيمان والصمود والثبات.

هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم تجسد الصداقة الحقيقية في مرافقة الصادق الأمين في أصعب الأوقات وهو تشريف لهذه الرفقة فالمكانة العالية للصديق جعلته من المصطفين لهذه الرحلة التي جسدت أيضاً الثقة بالله عندما كانا في الغار فنسج الله الأسباب فجعلهما في أمانه ورعايته، وما بين ترك مكة المكرمة والوصول للمدينة المنورة هناك أيام وساعات طوال هناك شوق ولهفة للقاء رسول الله هناك صدق الوعد والمبايعة الحقيقية في احتضان الدين الإسلامي، لم تكن تلك اللحظات عابرة بل صادقة كتلك التي تعتري المسلمين في يومنا هذا للقاء رسول الله في الجنة فهي من أصدق الأحاسيس ومن أروع اللهفات لمجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

محمد صلى الله عليه وسلم لم يحمل رسالة زائلة أو رسالة عابرة وإنما رسالة مصيرية لسعادة الدارين حتى وإن كانت المشقة والهجرة والنكران والاضطهاد التي لاقت الدعوة ضريبة للثبات على دين الحق، فيها من المقومات التي جعلت الناس من مختلف الشعوب تدخل الإسلام أفواجاً، ولا يزال الإسلام ملاذ كل تائه وباب لا يسد لمن أراد النجاة، كل عام وأمة محمد وجميع الأمم بخير وسلام.