من الأمور المثيرة أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» لا يزالون يعتقدون أن شعب البحرين يمكن أن يقوم ويقعد بكلمة منهم وأنه يكفي أن يقف أحدهم على مرتفع ويصيح قائلاً: «يا قوم.. افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا» ليستجيب القوم فيفعلوا كذا ولا يفعلوا كذا، ويؤكدوا تبعيتهم وانقيادهم!

شعب البحرين الذي يتحدثون عنه لم يبق لهم منه إلا من لا يزال مخدوعاً بهم، فالأغلبية وعوا وصحوا وصاروا يعرفون ما يراد منهم وبهم، لذا فإن الأكيد هو أنهم لا يستجيبون لتلك الدعوات وإن برع مطلقوها في اللعب على العواطف والتلاعب بمفردات اللغة.

هنا مثال. في سنوات سابقة كان ملخص دعوتهم «شاركوا في الانتخابات.. ومن لا يشارك يعتبر خارجاً عن الكتلة الإيمانية ومسيئاً»، واليوم يقولون لهم: «لا تشاركوا في الانتخابات، إلا إن كانت على هوانا، ومن يشارك فيها يعتبر ظالما للدين وللوطن».

هذا تأكيد على أن «قادة القوم» دخيلون على السياسة، حيث السياسة -فيما يخص الانتخابات مثلاً- هي الاستفادة منها للحصول على الممكن والسعي إلى والمطالبة بما هو غير ممكن، وإحداث التغيير المطلوب من داخل البرلمان وليس من خارجه، وليس من خارج البلاد.

لغة تكفير من يشارك في الانتخابات بعدما سمع النداء لغة بائسة لا مكان لها هنا، حيث المشاركة والمقاطعة حق للمواطن يقرره هو ولا يقبل أن يقرره أحد بدلاً عنه فيعتبره مواطناً صالحاً إن قاطع، وكافراً إن لم يقاطع.

هذه اللغة لم تعد مناسبة ولا يمكن لشعب البحرين أن يقبل بها، لهذا فإن مثل هذه الدعوات مصيرها الفشل وخصوصا أنها لا تعبر إلا عن ضعف مثاله تقسيم المواطنين إلى فريقين، الأول «مؤمن بعدل الدين» والثاني «مدع لحب الوطن» واعتبار الحكومة «غير محبة لخير الوطن بجميع أهله».. طالما أنها لا تفعل ما يريدون منها أن تفعل.