يعد مشروع منصة «تبادل» الذي أعلنت عنه مملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة بمثابة المحطة الأولى لإنشاء تحالف خليجي قوي في مجال سوق الأوراق المالية، وسيكون لهذا الحدث آثار كبيرة في المستقبل مع دخول دول خليجية أخرى في هذا التحالف.

فلا شك أن السوق العالمي يشهد ارتباكاً كبيراً لا يمكن معه تحديد الأسواق الفضلى حالياً للاستثمار، فها هي أمريكا تعاني من «صدمة ركود»، بدأت تهدد أسواق المال بعد أن سجل مؤشر إس آند بي 500 الأوسع نطاقاً للأسهم الأمريكية أسوأ أداء نصف سنوي له منذ أكثر من 50 عاماً.

وعلى الجانب الآخر من العالم نجد أوروبا تعاني من انخفاض حاد في سعر اليورو، بعدما أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على ارتفاع معدلات التضخم بسبب ارتفاع كلفة استيراد المواد الغذائية والمحروقات، وبدأ هروب جماعي لرؤوس الأموال إلى أمريكا التي ترفع سعر الفائدة بمعدلات غير مسبوقة، وكل ذلك له أثر على أسواق المال الأوروبية.

ولو كانت منصة «تبادل» تبدو في واجهتها أنها تعاون بين بورصتين يهدف إلى تعزيز السيولة في السوقين، بما في ذلك التداول عبر الأسواق، إلا أنه بحسابات المستقبل والعوامل الجيوسياسية يمكنها تحقيق أكثر مما يتوقع منها.

فلو نظرنا إلى حجم المستثمرين البحرينيين في سوق أبوظبي للأوراق المالية نجد رقماً غير متوقع، حيث كشف الخبر عن وجود 20 ألف مستثمر بحريني في ذلك السوق فقط، بقيمة تداول إجمالية «شراء + بيع» 1.3 مليار درهم «133 مليون دينار بحريني» وحجم تداول «شراء + بيع» 320 مليون سهم في عام 2021، وهذا الرقم يعبر عن حقائق جديدة، وهي أن هناك مستثمرين بحرينيين يتجهون للخارج برؤوس أموال معتبرة، ولذلك ستعمل منصة «تبادل» على فتح المسارات بين البورصتين للاستفادة المتبادلة من المستثمرين على الجانبين.

ونتمني -قبل أن نتوقع- أن تدخل بورصات دول مجلس التعاون في شراكة مماثلة وتعاون يفتح المجال أمام المستثمرين الخليجيين الذين يضعون أموالهم في الأسواق الأمريكية والأوروبية، لأن يعودوا إلى منطقتهم التي لن يجدوا أكثر منها أمناً في تحقيق استقرار لاستثماراتهم، ولذلك ندعو إلى مواصلة توسعة شبكة «تبادل» لتشمل دول التعاون في أسرع وقت ممكن؛ لأن ما يجري في العالم اليوم لا يحتمل التأخير في اتخاذ قرارات لحماية أموال المستثمرين الخليجيين.