ليس العيد حكراً على أمم دون أخرى أو ثقافات بعينها تختلف عن باقي الثقافات. والعيد ليس مرتبطاً بالأديان أو المعتقدات الشعبية فحسب. كل الشعوب تخصص مناسبات تجعل منها أعياداً. إما لارتباطها بالثقافة المحلية كالأديان أو المعتقدات القديمة. أو لارتباطها بالهوية كالمناسبات الوطنية والتاريخية. المشترك بين كل الشعوب أنها تقتطع من دورة الحياة الصاخبة أو القاسية، أحياناً، نصيباً من الوقت لتجعل منه عيداً يحتفل به الناس وينشرون فيه البهجة والسرور.
في اللغة العربية (العيد) هو كل ما يتكرر ويعود مراراً، من فرح أو هم وحزن أو مناسبة ثابتة. لكنها صارت مع الزمن تعني فقط تكرار المناسبات السعيدة دينية كانت أو وطنية أو شعبية. لذلك صار العيد في مخيلتنا يرتبط بالفرح وكل ما يتعلق بالفرح. وأولى مظاهر الفرح أن يأخذ المرء إجازة كاملة من ارتباطاته الرسمية. سواء كانت عملاً أو دراسة. أو أي مشروع ما. وذلك ارتباطاً بدورة حياة المجتمع التي توقف هي أيضاً ارتباطاتها الرسمية وتنشغل بترتيبات المناسبة نفسها.
والتوقف عن الدورة الروتينية للحياة أحد الأساليب التي تسبب الفرح وتعيد الاتزان للنفس البشرية. فتوقف الدماغ عن التفكير في القضايا المتعبة من عمل أو مشكلات أو هموم دائمة ومسائل متشعبة متعلقة بكيفية إدارة الحياة، يساعد الإنسان على استعادة قواه وطاقاته الطبيعية. مما يمكنه من استئناف حياته على نحو أفضل وأكثر إيجابية. فاستمرار الإنسان على التعامل مع معطيات المعيشة بوتيرة واحدة هو ما يسبب الضغط النفسي والعصبي، ويزيد الهموم والأحزان.
العيد فرصة إنسانية لاستعادة السعادة التي نراها أحياناً تتبدد وتبتعد، أو تتوارى خلف أولويات توفير المهم والأساسي والأهم. السعادة لأجل السعادة هي غاية يجب أن يسعى لها الجميع كي نحافظ على حالة الاتزان. والسعادة لا تتطلب الكثير، ولا تكلف الغالي والنفيس. نحن نجدها في عيون الأطفال ومجالسة الأهل وصلة الرحم. وفي قضاء وقت ممتع مع الأصدقاء في مكان معتاد أو جديد. السعادة في ثوب جديد بسيط، وفي عطر خاص ندخره للمناسبات. وفي ابتسامة تشرق على وجوهنا، فقط، لأنه يوم العيد. وكل عام وأنتم بخير.