تحل علينا يوم السبت المقبل مناسبة عظيمة في تاريخ المسلمين وعيداً من أهم أعيادنا يحل علينا بعد أيام قلائل عيد الأضحى المبارك عيد التضحية والفداء يوم الفرح بعد العناء والابتلاء فإبراهيم - عليه السلام - يبتلى بفلذة كبده الذي رزق به بعد انتظار طال كثيراً وبعدما بلغ من العمر عتياً فيأمره الله بذبحه، فما أعظمه وأقساه من ابتلاء شديد !! «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ»، «الصافات: 102». وما كان من إبراهيم وولده عليهما السلام إلا التسليم لأمر الله والتضحية بالنفس تنفيذاً للأمر الإلهي، «فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ»، «الصافات: 103»، فكان الاستِسلام من النبيَّيْن لأمرِ الله، وهُنا تدخَّلت السَّماء «وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» «الصافات: 104 - 105». وكان الفِداء من السَّماء في يوم الفِداء، «وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ»، «الصافات: 107»، ثم كان التكريم العظيم لآل إبراهيم في الأولين والآخرين «وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ»، «الصافات: 108 - 109»، فكان عيد الأضحى الذي يحتفل به حتى قيام الساعة تكريماً لسيدنا إبراهيم وولده وإعلاءً لذكرهم في العالمين ولتعلم الدروس والعب والتضحيات في هذا اليوم العظيم.

وبهذه المناسبة العظيمة ارفع أسمى وأطيب التهاني وأخلص التبريكات لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء الموقر وإلى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة وإلى الشعب البحريني الكريم الوفي وإلى الأمة العربية والإسلامية، سائلين الله العلي القدير أن يعيده على مملكتنا الغالية وأمتنا العربية والإسلامية بالخير والبركات والأمن والأمان والاستقرار.

ليتنا نتعلم معاني التضحية والفداء من قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع ولده من أجل ديننا الحنيف ووطننا الغالي نتعلم أنه كما نأخذ يجب أن نعطي ونضحي فأمتنا الإسلامية وأوطاننا في أمس الحاجة إلى تضحيات أبنائه في ظل التحديات والأزمات التي تمر بها والمؤمرات التي تحاك بها، تضحيات في سبيل حفظ الدين والوطن تضحيات من أجل تحقيق الأمن والاستقرار تضحيات من أجل تحقيق التطوير والازدهار تضحيات من أجل صناعة مستقبل مزدهر تضحيات من أجل مواجهة الأعداء وكسر شوكتهم وإسقاط مؤامرتهم الخبيثة التي تحاول ضرب الأمن والاستقرار.

ديننا ووطننا أحوج ما يكون اليوم إلى تعزيز ثقافة التضحية وإلى مضحين بأوقاتهم وجهدهم وأموالهم وأبناءهم حتى تنتصر الأمة وتعلو راية الوطن خفاقة.

عيد الأضحى المبارك، ما أحوجنا في هذا اليوم إلى أن نتعلم منه دروس التضحية والفداء والعطاء وتاريخ أمتنا ووطننا مليء بنماذج قدمت التضحيات تلو التضحيات من أجل رفعة الأمة والوطن، فسادوا الدنيا وتقدم وازدهر الوطن وعلينا جميعاً تعزيز ثقافة التضحية من خلال نشر التاريخ المشرف للذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل الدين والوطن وتذكرهم في هذا اليوم بكل اعتزاز وفخر فهل نحن مستعدون لذلك وللاقتداء بهم وتقديم التضحية في سبيل رفعة أمتنا وصناعة مستقبل زاهر لوطننا الغالي؟