يعيش المسلمون هذه الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وهي أيام فاضلة وهامة في التاريخ الإسلامي حتى إن الله سبحانه وتعالى فضل لياليها على سائر ليالي العام، بل إنه سبحانه أقسم بها في قوله تعالى: «والفجر وليال عشر».. بل إن بعض العلماء أكد أنها أفضل من ليالي رمضان.
وأقسم الله بالفجر لأنه ابتداء النهار، وهو انتقال من ظلمة دامسة إلى فجر ساطع، وأقسم الله به لأنه لا يقدر على الإتيان بهذا الفجر إلا الله عز وجل كما قال الله تبارك وتعالى: «قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون».
وأقسم الله بالفجر لأنه يترتب عليه أحكام شرعية، مثل: إمساك الصائم، فإنه إذا طلع الفجر وجب على الصائم أن يمسك إذا كان صومه فرضاً أو نفلاً إذا أراد أن يتم صومه، ويترتب عليه أيضاً: دخول وقت صلاة الفجر، وهما حكمان شرعيان عظيمان، أهمها دخول وقت الصلاة، أي أنه يجب أن نراعي الفجر من أجل دخول وقت الصلاة أكثر مما نراعيه من أجل الإمساك في حالة الصوم، لأننا في الإمساك عن المفطرات في الصيام لو فرضنا أننا أخطأنا فإننا بنينا على أصل وهو بقاء الليل، لكن في الصلاة لو أخطأنا وصلينا قبل الفجر لم نكن بنينا على أصل، لأن الأصل بقاء الليل وعدم دخول وقت الصلاة، ولهذا لو أن الإنسان صلى الفجر قبل دخول وقت الصلاة بدقيقة واحدة فصلاته نفل ولا تبرأ بها ذمته.
لأن عشر ذي الحجة أيام فاضلة قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».
وهنا يُمكن القول: إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.. ومنها صيام يوم عرفة فصيام اليوم التاسع من ذي الحجّة، وهو يوم عرفة مشروع لغير الحاج، وقال النبيّ عليه الصلاة والسلام: «صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ». وقال بعض العلماء إن الشفع هو الخلق، قال تعالى: «والليل إذا يسر» أقسم الله أيضاً بالليل إذا يسري، فأقسم الله به لما في ساعاته من العبادات كصلاة المغرب، والعشاء، وقيام الليل، والوتر وغير ذلك، ولأن في الليل مناسبة عظيمة، وهي أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: «من يسألني فأعطيه، من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له»، ولهذا نقول: إن الثلث الأخير من الليل وقت إجابة، فينبغي أن ينتهز الإنسان هذه الفرصة العظيمة.