خلال العقود الأربعة الأخيرة، وعلى الرغم من قوة العلاقات البحرينية الأمريكية، وما تخللتها من معاهدات واستراتيجيات وتفاهمات كبيرة جداً بين الطرفين. سواء كانت معاهدات أو شراكات دبلوماسية أو اقتصادية أو سياسية أو أمنية أو غيرها، إلا أنها كانت تمر في بعض الأحيان ببعض الإرهاصات والشطحات من جانب الإدارة الأمريكية.

هذا الأمر، وإن كان يبدو في ظاهره «حالة طبيعية»، باعتبار أن كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها للحد الأقصى لا الأدنى. إلا أن هذا الفعل قد يتقاطع مع مصالح دولة ضد أخرى، مهما كان عمق العلاقات بينهما وثيقاً، إلا أن أمريكا وما تتمتع به من نفوذ وقوة في كل أنحاء العالم، جعل منها أن تكون في أغلب الأحيان، بأن تصطف بشكل غير عادل مع مصالحها وضد مصالح حتى أصدقائها وحلفائها، وهذا ما قد لا ترتضيه بعض الدول، وعلى رأسها البحرين.

أستذكر جيداً، أننا من الأشخاص الذين طالبنا بأن تكون مصالحنا وثوابتنا فوق كل اعتبار، ومع كل دول العالم بمسطرة مصالحنا الوطنية قبل غيرها، وهذا لا يكون إلا بفرضنا مصالحنا بشكل كامل وواضح مع الدول الحليفة وغير الحليفة، حتى ولو كانت أمريكا بشحمها ولحمها ودمها. ليس هذا وحسب، بل نحن طالبنا بسلة علاقات دولية مع بقية الدول الكبرى لتحقيق مصالحنا، حتى ولو تسلل الأمريكان وغيرهم في وقت الأزمات من البوابة الخلفية.

نحن نقول هذا بعد تناول الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في مذكراته «الأرض الموعودة» التي كتبها عن فترة حكمه التي دامت لدورتين رئاسيتين من العام 2009 وحتى العام 2017. المذكرات التي نزلت على دفعات وفي جزأين، تناول فيها الحديث عن حكمه وما تخللته من أحداث، إذ حاول تصوير نفسه بأنه الحاكم الحكيم الذي كان يطالب العالم بتقديم مصلحة بلاده ولو على حساب مصالح كل الدول، ومن ضمنها مملكة البحرين، والتي أساء لها في مذكراته.

إن البحرين تشك فيما تبناه الرئيس الأمريكي الأسبق، وفي توقيت نشره لهذه السلسلة من المذكرات المغلوطة، وفي طريقة عرضها، بالشكل الذي يحاول من خلالها مغازلة الرئيس الأمريكي الحالي «جون بايدن» وحزبه وحكومته، ليفلت من المساءلة القانونية من خلال عدم قدرته ونجاحه في إدارة دولة كان من المفترض أن تكون دولة محايدة ومنصفة في القضايا التي تتطلب الإنصاف والعدالة، هذا ناهيك على عدم قدرته حتى في إدارة الملفات الداخلية بشكل لائق، فقام يرمي بدائه علينا، لينسل بمذكرات لا تغني ولا تسمن من جوع.