في مقالي السابق تطرقت إلى قرار إدارة الأوقاف السنية الخاص بوقف إقامة صلاة الجمعة في المساجد المؤقتة، ووجهت نداءً إلى المسؤولين الموقرين بإعادة النظر في هذا القرار، ولم أكن أتوقع سرعة الاستجابة التي حدثت من الإدارة الموقرة بالعدول عن قرارها «تحقيقاً للمصلحة العامة»، وقد كان في ذلك القرار دلالتان.
الأولى وهي سرعة الاستجابة لما يتم طرحه في الصحافة من قبل المواطنين، وهي سرعة تحسب لإدارة الأوقاف وتضمها إلى مجموعة من الوزارات والمؤسسات الحكومية سريعة الاستجابة في حل قضايا المواطنين، ومن أبرزهم وزارة البلديات والأشغال والزراعة وكذلك وزارة الصناعة والتجارة، بينما يواجه المواطن تجاهلاً شبه تام لاحتياجاته الأساسية في وزارات أخرى يعرفها جميع المواطنين لن أذكر أسماءها.
ولقد ضربت إدارة الأوقاف السنية المثل في سرعة اتخاذ القرار والذي يفترض أن يحدث في باقي المؤسسات، إلا أن ما يميز هذه الإدارة أنها ذات طبيعة دينية يجزى أصحاب القرار فيها جزاءً عظيماً لا نعلم مقدرته من الله سبحانه وتعالى، فجزاهم الله خيراً كثيراً على فتح بيوت الله والتوسع فيها.
والدلالة الثانية في هذا القرار، هو أنه يمثل تراجعاً عن إجراء أو قرار سابق للمؤسسة والمسؤول فيها، وهذا أمر نادر -بل مستحيل الحدوث في بعض المؤسسات- أن يقرر مسؤول التراجع عن كلامه، وتلك طبيعة بشرية وجينات لدينا في دولنا العربية فقط، حيث يشعر المسؤول بأن تراجعه عن قرار اتخذه يعد بمثابة اعتراف بجريمة قد يودي به إلى حبل المشنقة. ولو قرأ المسؤولون أخبار نظرائهم في العوالم الأخرى، سيجدونهم يتراجعون ويعترفون بالخطأ ويصححون أخطاءهم، بل إن المسؤول في دولة شرقية قد ينتحر بسبب خطأ حدث منه، ولا يجد المسؤولون في دول أخرى حرجاً في أن يتقدموا باستقالاتهم من وازع تحمل مسؤولية الأخطاء.
وحاشا لله أن نطلب من مسؤولينا الكرام أن ينتحروا أو يستقيلوا، ولكن نرجوهم أن يعيدوا النظر في بعض القرارات التي ربما يظهر فيها جانب من الخلل أو القصور أو وجهة نظر أخرى تضر بالمصلحة العامة.
وأعود لأوجه شكر ختامي لإدارة الأوقاف السنية الموقرة التي استمعت لوجهة نظر أخرى وبحثت الأمر بسرعة واتخذت القرار المناسب والذي كان يرجوه الناس، وأعتقد أن عشرات من رواد المساجد التي عادت لإقامة شعائر صلاة الجمعة، قد دعوا الله سراً وعلانية بأن يجعل ذلك في ميزان حسنات مسؤولي المساجد بالإدارة.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تريبيون» الإنجليزية