الثابت أن شهر رمضان شهر مبارك وشهر عبادة خالص، وهو شهر ليس كبقية الشهور، رسولنا الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يعطي شهر رمضان من عمل واجتهاد ما لا يعطيه في بقية الشهور، لما لهذا الشهر من مكانة عند رب العالمين.

ومع تقدم الزمن واتساع رقعة الاطلاع بين المجتمعات، دخلت علينا عادات وأمور أصبحت مقرونة بهذا الشهر الفضيل دون وجه حق، ورغم من أنها كثيرة إلا أني سأتطرق بربط رمضان وجعله شهراً لأحدث المسلسلات وبرامج التسلية.

والمعيب والغريب في الأمر أن مادة وفكرة المسلسلات التي تقدم خاصة في رمضان لا علاقة لها بمفهوم وفلسفة هذا الشهر، فلا هي مسلسلات تاريخية عن الحضارة الإسلامية ولا عن سيرة من سير أعلام الإسلام ولا أعمال تحمل أهدافاً تربوية أو تعليمية يمكن مقارنتها بشهر رمضان أو ربطها فيه على الأقل.

أصبحنا في وضع نتمنى فيه أن تكون المسلسلات أو البرامج التي تعرض تتكلم عن «أيام الغوص أو فرجان الأول»، فهي إن كانت بعيدة عن مفهوم شهر رمضان إلا أنها أعمال تحمل أهدافاً إما تثقيفية أو تاريخية أو حتى فكاهية.

لا أعلم ما المغزى أن تخصص أعمال درامية تتطرق لمواضيع الخيانة والعلاقات المحرمة وقصص الحب و«سعد باق الشركة» فقط في رمضان، وكأنه موسم للتسلية لا للعبادة؟!

أمران لا أجد لهما تفسيراً، الأول، وجود فئة تبرر للمحتوى الهابط لكثير من المسلسلات، «أنه واقع نعيشه، يطرح قضية في المجتمع، يسلط الضوء على نقاط لا يتكلم عنها الكثير»! تبريرات حالها حال هذه المسلسلات لا تمت لرمضان بصلة، فلو فرضنا أن المجتمع به قضايا اجتماعية هل ما يعرض يعتبر ظاهرة عامة أو منتشرة في مجتمعنا أو المجتمع الخليجي حتى؟! نفرض جدلاً أن هناك عدة أسر تعيش في مشكلة اجتماعية فهل تكون هذه الأسرة تعاني من «أب أكل حق أخيه، أم تلجأ للسحر، ابن مدمن وزوجته تخونه، ابنة ترافق مجموعة منحرفة، خادمة تشرب الخمر»!! أين الواقعية في الموضوع؟! أيعقل أن تكون أسرة كاملة في وضع الانحراف؟! هل هذا هو الواقع، وإذا كانت هناك حالات موجودة فكمْ تمثل من المجتمع حتى تكون موضوعاً مهماً للطرح؟!

والأمر الثاني «المجتمع نفسه» هذا المجتمع الذي ينتقد وفي نفس الوقت يستمتع بما يشاهد، نظرة بسيطة للتعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي سنجد الكل يتبرأ من هذه الأعمال ويطالب بأعمال مثل «فرجان لول، الكلمة الطيبة، برياحنا وغيرها»، ثم تجدهم يتناقشون عن تفاصيل هذه المسلسلات في تجمعات الأعمال والأهل.

الناس أحرار فيما يشاهدون وما يتابعون، ففي الأخير هي حرية شخصية وكل شخص مسؤول عن تصرفاته ووقته الذي يقضيه، إلا أن العتب يكون على جهات من المفترض أن لها قوة مثل وزارات الإعلام في دول مجلس التعاون التي تعتبر سلطة متوافقة في القرارات، لماذا لا تضع معايير وحدوداً تحمي عاداتنا ومجتمعاتنا من الأفكار الهدامة التي تطرح وخاصة في شهر رمضان وكأنه أصبح شهر المسلسلات؟!