الرأي

من غزا أوكرانيا.. روسيا أم 'تشلسي' الإنجليزي؟!

رغم أن ما أقدم عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا يمثل تعدياً مرفوضاً من دولة على أخرى بغض النظر عن مبررات ذلك، إلا أن هذه الحرب كشفت لنا «أبشع وجه» للغرب عموماً وللولايات المتحدة خصوصاً، وتحديداً من أصحاب «المعايير المزدوجة» التي يطبقون بموجبها شعاراتهم بشأن الحريات والديمقراطية وعدم خلط الرياضة بالسياسة وغيرها على الدول والشعوب الأخرى، بالأخص ممن لا يُحسبون على أنهم مسيحيون أو أصحاب عيون زرقاء وشعور شقراء، وليسوا أوروبيين متفوقي الجنس والعرق!

أبشع ما شاهدناه بالإضافة إلى «فلتات» اللسان لعديد من المسؤولين الغربيين والإعلاميين في تعليقهم على أحداث الحرب، والتي فاحت رائحة «العنصرية» منها، أبشع ما رأيناه أساليب «الانتقام المباحة» و»شرعنة اللصوصية والسرقة» من قبل الغرب بحق كل ما يرتبط بروسيا، ولو كان في مجالات لا علاقة لها بالسياسة، مثلما شهدنا في المحافل الرياضية.

آخر المهازل الحقيقية هو ما تعرض له نادي «تشلسي» الإنجليزي، هذا الفريق العريق في تأسيسه والذي يتغنى به جمهوره القاطن في أفخر وأرقى أحياء العاصمة البريطانية، بل أطلقوا عليه مسمى «فخر لندن»، تلك التسمية التي مازالت تثير أندية لندنية عريقة أخرى مثل آرسنال وتوتنهام.

ما حصل لفريق «تشلسي» أمر يفوق تخيل أي متابع رياضي، إذ هي صدمة حقيقة، والمفارقة أنها تحصل لفريق لم تمض أسابيع فقط على احتفاله بالتتويج بلقب بطل أندية العالم، وقبلها بطل السوبر الأوروبي كون الفائز ببطولة أندية أوروبا البطلة «التشامبيونزليج» الصيف الماضي.

نعلم تماماً بأن مالك فريق تشلسي هو الروسي رومان إبراموفيتش، الحاكم السابق لإقليم تشوكوتكا الروسي، وأنه شخص يرتبط بعلاقة وطيدة مع الرئيس الروسي، وأنه أصبح من ضمن قائمة الأغنياء الروس المستهدفين في ثرواتهم وأوضاعهم بعد دخول القوات الروسية لأوكرانيا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشأن الإجراءات التي اتخذت ليست ضده فقط، بل وكأنها ضد النادي الإنجليزي العريق، هل إبراموفيتش هو من اتخذ قرار الحرب؟! وهل فريق «تشلسي» اللندني هو من غزا روسيا؟!

الإجابة قد تكون»نعم» لو اعتبرنا البلجيكي لوكاكو مدرعة، والإيطالي جوروجينهو قائد سلاح الطيران، والحارس السنغالي ميندي مسئول الدفاعات الأرضية!

ما حصل لتشلسي أمر غريب وعجيب، إذ بعدما الحكومة البريطانية تجميد أنشطة وأرصدة رئيسه الروسي على الصعيد المالي، قررت إغلاق متجر النادي ومنعت عملية تجديد العقود أو شراء لاعبين جدد، وكذلك منعت بيع التذاكر وبات فقط يحق لحاملي التذاكر الموسمية الحضور للمباريات المقامة في «ستامفورد بريدج»، بل وكأنها تريد «خنق» الفريق بأكمله فحددت مبلغ أقصاه 20 ألف إسترليني كمصروفات للفريق في حال مشاركاته الخارجية بعيداً عن ملعبه، سواء في أوروبا أو أي مدينة إنجليزية أخرى. وفوق ذلك قامت شركات الرعاية مثل «ثري» بفك ارتباطها بالنادي، وشركة «نايكي» تمضي على نفس الطريق.

المضحك هو التناقض في النية، إذ كان واضحاً سعي الإنجليز لإزاحة إبراموفيتش عن رئاسة تشلسي، والضغط عليه ليبيعه، وهو الذي اشتراه بـ١٦٠ مليون جنيه في عام ٢٠٠٣ والآن تصل قيمة تشلسي السوقية إلى قرابة 4 مليارات، ورغم وجود عروض، ورغم قبول الروسي ببيع ناديه، إلا أن التجميد جاء ليمنعه من حق البيع! وهنا ظهرت النية جلية حينما قالت نادين دوريس وزيرة الثقافة والإعلام والرياضة في بريطانيا بأن ابراموفيتش لن يستفيد أصلاً من بيع النادي، ولكم أن تفهموا مغزى التصريح جيداً؛ إذ يبدو أن النادي ستتم سرقته ممن اشتراه بحجة رفض العدوان الروسي على أوكرانيا.

ولم لا؟! إذ إبراموفيتش ومعه على أقل تقدير 6 مليارديرات روس تمت مصادرة يخوت فاخرة يملكونها تقدر أسعارها بالملايين، وكان ذلك في ألمانيا، فرنسا، إسبانيا، الجبل الأسود وإيطاليا، وهذه عملية «سرقة وقرصنة ووضع يد» وليست «مصادرة» لأنها ليست بارجات حربية وإنما أملاك خاصة. وللحديث بقية.