الرأي

نصيحة.. العبوا غيرها

أتدرون ما هي المضحكات المبكيات؟ هي ليست تلك التناقضات الفاقعة، وتلك الازدواجية المفرطة في اختلاف المكاييل بين ما يدّعون وما يمارسون، بين ما ينادون به وما يرتكبونه، بل هي في استمرارهم في تقييم الآخرين وكتابة التقارير وإبداء القلق على الآخرين!!

القمع الإعلامي الذي مورس أثناء الانتخابات الأمريكية على الرئيس الأمريكي السابق - بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه، فليست تلك قضيتنا - إنما ما مورس معه من كل أنواع «القمع» الإعلامي هو مثال على تحكمهم وسيطرتهم على الشركات العابرة للحدود وعلى مصادر المعلومة وعلى وسائل الإعلام، فحجب تويتر حسابه، ومنعوه من اليوتيوب والفيسبوك، وفعلوا الأفاعيل في شيطنته وجعله عدواً للشعب الأمريكي، وهو مَن هو بكل ما يعني منصبه وموقعه، دون أي اعتبار حتى لمكانة المنصب، لا بأس ذلك شأنهم، إنما المضحك المبكي حين يبدي البيت الأبيض قلقه على القمع الإعلامي في روسيا لأن الحكومة الروسية أغلقت تطبيق الفيس بوك!!

هنا لا تدري أتضحك أم تبكي من تلك القدرة على الاستمرار في استخدام ذات التعويذة دون الانتباه لتاريخ الصلاحية، يبدو الموقف كمن يريد أن يشعل ألعاباً نارية في مقذوفات غارقة في البلل.

منظمة هيومن رايتس ووتش التي لا ترى ولا تسمع إلا ما تريد أن تسمعه وتراه، والتي صمتت صمتَ الذئاب عن كل الممارسات العنصرية والتمييزية في التفرقة بين البشر في أوروبا في كل موقف بدا من معاملتهم لمصابي «كورونا» إلى التفرقة بين اللاجئين وفقاً للونهم وعرقهم، إلى كل فعل قبيح يعادي الحقوق الإنسانية، ومنهم أطفال ونساء وشيوخ عزل، نسمع صوتهم الآن لأنهم قلقون على «احتجاز» ستة أطفال في البحرين لأنهم رموا زجاجات المولوتوف على مركزٍ للشرطة!!

فتقريرهم عن البحرين يقول «رغم الأدلة المتزايدة على الانتهاكات» دون أن يقولوا لك ما هي هذه «الأدلة» لم تنتقد حكومة بريطانيا احتجاز البحرين التعسفي للأطفال أو حتى تتراجع عن تصريحاتها التي يبدو أنها تدعم هذه الإجراءات. «على أي أساس وصف تقرير احتجاز الأطفال بالتعسفي؟ غير مهم، فتقييمهم بلا معايير»، يكمل التقرير فيقول «ما يزال ستة صِبية محتجزين تعسفاً في البحرين بزعم إلقاء قنابل «مولوتوف» ألحقت أضراراً طفيفة بسيارة بجوار مركز للشرطة في سترة»، «هم قرروا أن الأضرار طفيفة، وهم يقررون أن إلقاء مولوتوف على مركز للشرطة مسألة لا تستدعي احتجاز الفاعل، وهم قرروا أنه تم احتجازهم «بدعوى» أي ليس حقيقة»، ثم أكملوا «وتنتهك البحرين حقوق الأطفال بموجب قانون العدالة الإصلاحية، الذي أُعلِن عنه العام الماضي. يحسّن القانون بعض أشكال الحماية للأطفال، ولكنه ما زال مقصراً في الوفاء بالتزامات البحرين الحقوقية»، «مشكورون على كلمة «يحسّن» القانون، هذا المدح يعتبر بالنسبة إلينا هو الشعرة من ظهر الخنزير».

في الختام نقول لهذا اليسار المتطرف، أدواتكم وتعويذاتكم الخاصة بالحريات وبالحقوق بكل قواها الناعمة بطل مفعولها في العالم كله لا عندنا فقط، وعليكم إدراك هذه الحقيقة لأن الأمر تحول إلى مسرحية فكاهية في كل مرة تطلقون تصريحاً أو تقريراً تبدون فيه قلقكم على الحريات والحقوق، ليس عندنا فقط، بل في العالم كله من أقصاه إلى أقصاه يتحول الأمر مسخرة ونيرانكم تنعكس عليكم فتفتح ملفاتكم وتكشف عوراتكم وتناقضاتكم وازدواجيتكم وحقيقة تلك الدعاوى.

نصيحة.. العبوا غيرها.