الرأي

كيف يُطلَبُ من الأصلعِ مِشطٌ؟!

انتشر قبل أيام مقطع مصور لمشهد مشاجرة بين مراهقين اثنين في إحدى الولايات الأمريكية، المشهد باختصار وكما شاهده الآلاف وربما الملايين حول العالم، شخصان يتعاركان في مكان عام الأول صاحب بشرة سمراء والثاني صاحب بشرة بيضاء. وكما هي طبيعة المجتمعات الغربية لا أحد يتدخل أو يكترث لما يجري حولهم، فأقصى ما يمكنهم فعله هو الاستمتاع بمشاهدة المنظر وتصويره، بالإضافة لإلقاء الشتائم. لا تجد المروءة أو والخير فيهم إلا ما ندر، وكأن الإنسانية نزعت من قلوبهم. وبالعودة لمقطع شجار المراهقين، يظهر بعد لكمات وشتائم بين الاثنين تدخل عناصر الأمن «الشرطة» لفك النزاع بين «الطفلين» ففي الأخير هما حسب قوانينهم أطفال، دون أي إشارة أو فهم للموضوع ينقض أحد عناصر الشرطة على الصبي الأسمر بكل قوة ويكبله، بينما الصبي الأبيض يترك دون تقييد أو أي شكل من أشكال الاعتقال!

البرمجة العقلية للمجتمع الأمريكي بما فيها الجهات التنفيذية لا تنظر إلى أصل المشكلة بل تضع المشكلة، حيث إن أي مشكلة يكون فيها شخص أسمر فهو المذنب وقد يحاكم وينفذ فيه القصاص في نفس الوقت إذا شاء رجل الأمن ذلك، ولسنا ببعيدين عن قصة «جورج فلويد» الذي اعتقل وحوكم وأعدم في 25 مايو 2020 في مدينة مينيابوليس. ولولا المظاهرات التي عمت الولايات المتحدة لأشهر لما حوكم الشرطي. نظام وبلد مثل هذا البلد قائم على الفصل العنصري والتفريق حتى بين مواطنيه حسب لونهم وأصلهم ودينهم وحتى جنسهم كيف يمكن لعاقل أن يطلب منه العدل والإنصاف؟!

من أشهر وأعظم الأمثلة العربية «فاقد الشيء لا يعطيه»، وبلد ونظام لا يملك العدالة إلا في أفلام الهوليوود كيف له أن يقدم وعود العدل والإنصاف، وكيف لعاقل أن يطلب من الأصلع مشطاً. أنا عن نفسي لدي قلق واستفسار لوضع الصبي الأسمر بعد اعتقاله، وأتمنى من السفير الأمريكي لدى بلادي مملكة البحرين التي لا تصنف المواطن حسب لونه ولا تنعت الشخص بحسب بشرته وأصله، ولا تقسم المجتمع إلى طبقات ملونة ومصنفة، بل تسميهم جميعاً مواطنين، أن يقدم لمجتمعنا توضيح لما حصل ولماذا لم يعامل الأبيض كالأسمر.