الرأي

الإداري المناسب في المكان المناسب

لفترة طويلة أتابع ردات فعل بعض الموظفين على عدد من القضايا الإدارية التي تطرح بشكل متكرر، ووصلت إلى نتيجة مؤسفة مفادها أن كثيراً من الاستياء المترسخ لديهم مبعثه بيئة العمل وطرائق الإدارة فيها، والتي حولتها إلى بيئة طاردة للبشر.

البعض يظن للأسف أن الإدارة الصحيحة تتمثل في التفنن بأساليب ترويع الموظفين أو الضغط عليهم أو ممارسة الظلم الإداري بحقهم، بحيث يحرمون من الترقيات والحوافز وحتى التقدير بالكلام أقلها، وكل ذلك أساليب مدمرة لأي قطاع، إذ حينما يأتي مسؤول ويدمر نفسيات البشر، حينها لا تتوقع إنتاجية منهم ولا ولاءً مؤسسياً ولا حتى رغبة في العطاء بحده الأدنى.

البشر هم رأس مال أي دولة، وحينما يتم الاهتمام بهم تراهم يحققون لك العوائد والإنجازات التي ترفع من شأن البلد في اتجاه التطور والتميز، ولذلك حينما يأتي شخص ليدمر رأس المال هذا، فإنما هو يدمر أحد الموارد الأساسية للدولة، وبالتالي هو يجرم بحقها.

وعليه السؤال المهم هنا: ألا يفترض إبدال وإزالة هذه النوعيات من المسؤولين الذين يدمرون بيئات العمل ونفسيات الموظفين، وذلك لنحمي رأس المال البشري؟! أوليس من الخطأ استمرار شخص يكون سبباً في تعاسة الموظفين، ويدفعهم ليتحولوا إلى طيور مهاجرة تبحث عن التطور والتألق والتميز في قطاعات أخرى؟!

هناك مواقع عمل تتميز ببيئتها المتقدمة عبر ممارساتها الإدارية، وفي احتوائها الموظفين وتطوير قدراتهم ومنحهم المسؤولية والثقة، وفي المقابل تمنحهم التقدير والحوافز وفرص التطور، بل تبدع هذه الجهات في تعزيز الولاء المؤسسي، وكل هذه الايجابيات سببها عائد إلى أساليب الإدارة الناجحة التي تنبع من وجود قائد ومسؤول إداري مدرك لفنون الإدارة، وأنها تأتي من علم هدفه بناء الإنسان وتطويره لا علم مسعاه أذية الإنسان وتدميره.

الدولة الناجحة هي تلك التي تعتمد على قيادات ذكية تبني وتطور في البشر لتحقق الإنجازات، وعليه فإن أمانينا الإدارية في العام الجديد تتمثل في وضع الإداريين المناسبين في أماكنهم المناسبة، ومن لا يصلح وزاد أذاه فليبتعد عن منظومات العمل حتى لا يزيد الدمار فيها.