الرأي

في معاني الاحتفال بالعيد الوطني

تحتفل مملكة البحرين اليوم بعيدها الوطني، وسط أجواء مفعمة بالثقة الاعتزاز بما تحقق من منجزات، وبالأمل المعقود على المستقبل والخطط والبرامج الطموحة لمواجهة تحديات التنمية الاستقرار.

يحدث ذلك وسط التحولات التي تعيش البحرين على وقعها منذ أكثر من عقدين من الزّمن الجديد الذي أسس له جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، من خلال مشروعه الإصلاحي، اتصالاً بحلقات الإصلاح الوطني عبر الأجيال، والرّصيد الإصلاحي الوطني والعربي، ليكون هذا التحول ضمن المعالم التي يجري استذكارها باستمرار، لتبقى راسخة في الأذهان، ولتشكل إحدى أهم المنارات في طريق البناء الديمقراطي المستدام.

وبالرغم مما يحيل إليه الاحتفال بالأعياد الوطنية من معاني الثقة والاعتزاز، فإنه يكون مناسبة أيضاً للمراجعة ومساءلة الأفعال وتحليل النتائج وتشخيص التحديات ورسم ملامح المستقبل والآمال المعلقة عليه. بما يفضي إلى القول بأن التحولات التي شهدتها مملكة البحرين خلال أكثر من عقدين من الزمن الجديد، قد أحدث تطويراً عميقاً وجوهرياً لا يمكن إنكاره، تغييراً عميقاً توازت فيها الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع مرونة فائقة في التعامل مع المستجدات والصعوبات بكافة أشكالها، بإدخال الإصلاحات وفي جدول زمني يراعي الخصوصيات والظروف، ويضمن أوفر الحظوظ الممكنة، بما يقي الوطن من المخاطر المؤثرة سلباً على حياة الناس. يشهد على ذلك التطور الملموس في الإصلاحات التّشريعية والإجراءات العملية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، ضمن رؤية وطنية جامعة، وآليات تنفيذ هادئة ومراعية قدر الإمكان لمتطلبات كل مرحلة، والاستماع إلى التطلعات المشروعة، من الآثار المحتملة للأزمات الاقتصادية والمالية العالمية وتأثيرها على البلاد، خاصة أننا نعيش وسط عالم يموج بالتحولات التي تحمل أحداثاً ومصاعب كبيرة باتت تؤثر في مصير الشّعوب. ولذلك من الطبيعي أن تجري المراجعات والتطويرات وفقاً لتأثير عامل الزمن والتحولات التي يشهدها عالم اليوم، بما يعكس الوعي العميق بهذه العوامل، كمعطيات أساسية في معادلة التحوّل. لذلك كان استشراف المستقبل، رغم ما يتطلّبه من حذر وما تواجهه من تحديات، أداة ضرورية مكّنت من ملامسة المعالم الأساسية لهذا المستقبل وخطوطه الكبرى حتّى يتم الاستعداد له على الوجه الأمثل. تشهد بذلك الجهود المتميزة لفريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، الذي يجاهد يومياً من أجل تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية وتذليل الصعوبة وحفظ التوازنات، وعياً بتأثير العوامل الداخلية والخارجية التي تيسر استشراف التطور نحو مجتمع يتّسم بالحركية والانفتاح والإبداع، يتزايد فيه إسهام الفرد في الجهد الوطني وفي نجاح التنمية، مجتمع تقام العلاقات بين أفراده بصورة مباشرة وبأكثر حرّية، وتتوفّر فيه المجال للنّقاش وتبادل الرّأي الفكري والسياسي من أجل بلورة الرؤى الوطنية الجامعة بالثراء والتنوّع الذي يتميز به المجتمع، استعداداً لتقبّل مقتضيات العمل الديمقراطي وتكريسه وحمايته وتعزيزه. وتطويره باستمرار.