الرأي

وسع على غيرك يوسع الله عليك

تصريحان نشرا مؤخراً يتعلقان بالطرق والشوارع جديران بالإشارة إليهما هنا في هذه العجالة. الأول صادر من وزارة الأشغال والثاني من هيئة التخطيط والتطوير العمراني.

حيث جاء على لسان وزير الأشغال المهندس عصام خلف أن عدداً من المشاريع المتعلقة بقطاع الطرق قيد التنفيذ وأبرزها تطوير شارع الفاتح ويشمل إنشاء نفق أرضي بثلاث مسارات وجسر علوي بمسارين وهو مشروع للتوسعة مهم جداً يحتاجه هذا الشارع الذي يربط مناطق يتردد عليها الناس بكثافة عالية كالجفير والقضيبية ومجمع 338 السياحي ويستخدم كشارع رئيس للتنقل من جنوب إلى شمال العاصمة المنامة والعكس. أما في التصريح الثاني أكدت هيئة التخطيط أنها تسعى إلى توسعة عرض الشوارع ضمن المخططات العامة ومخططات التقاسيم لضمان توفير مسارات آمنة للمشاة وركوب الدراجات جنباً إلى جنب مع وسائل النقل العام.

وأعتقد أنه بعد سنوات من الانتظار وتحمل الاكتظاظ والازدحامات المزعجة تأتي هذه الخطوات من قبل جهتين رسميتين للتجاوب مع متطلبات مستخدمي الطرق وتضعهم في أعلى سلم الأولويات. ومما لا شك فيه أن شارع الفاتح الحيوي بحاجة ماسة للتدخل «الجراحي» ليتسع إلى العدد الهائل من المركبات التي تقصده. فهو في حالة ازدحام مستمر تعطل السائق وترهق أعصابه. أما الطرق داخل المناطق السكنية فقد سببت ومازالت تسبب إزعاجاً بسبب ضيقها الشديد بالإضافة إلى ظاهرة ركن السيارات على جانبيها مما يجعلها أحياناً غير قابلة للمرور.

وحول طرق المدن الداخلية كنا نستبشر خيراً مع كل مدينة جديدة وكل مخطط جديد بأنه سيتم تدارك معضلة الطرقات الضيقة بين المساكن ولكن مع الأسف بنيت المدن وعمرت المخططات بنفس المقاييس السابقة وأصبحنا نزور بيوتاً وبنايات من أحدث وأفخم طراز تطل على طرق بالكاد تمر فيه السيارة! كما أن المنظر الفوضوي لعشرات السيارات المركونة بعشوائية على حافتي الطريق وتستحوذ على مساحة ليست بالبسيطة يعد منظراً غير محبب ويدل على وجود خلل صريح في أسس تخطيط المناطق لا يضع في الاعتبار حاجة البيت الواحد لعدد يتجاوز السيارتين في أغلب الأحيان أو حاجة الناس للمرور عبر هذه الطرق دون تعطيل.

وأرى أن مدينة عوالي التي شيدت قبل حوالي 70 عاماً مازالت هي النموذج الأمثل لحجم الطرقات المنشود في البحرين. فهذه المدينة الجميلة والنظيفة ذات الطرقات الواسعة جداً صممها مهندسون أمريكيون بشكل مقارب لمدنهم وكانوا كرماء في توسعة طرقها بحيث يرتاح السائق و «الساكن» إذا تجول فيها. وكنت أتمنى من المعنيين زيارة هذه المدينة والاطلاع عليها قبل أي مشروع سكني يقدمون عليه أو يجيزونه للاستفادة.

وأخيراً، السيارة ستبقى وسيلة النقل الأساسية هنا في البحرين وسيستمر الناس بشرائها لعقود قادمة وكل بيت سيحتوي على ثلاث وأربع سيارات، فهذا واقع وحقيقة. لذلك من الضروري جداً أن يضع في عين الاعتبار هذه الوسيلة للتنقل وكيفية احتوائها ومرورها قبل أي تخطيط وتصميم.