الرأي

التوازن المالي ورفاهية الأجيال

ترددت كثيراً في كتابة مقالي حول تعديل نسبة ضريبة القيمة المضافة، وخصوصاً أن هناك تفاعلاً محلياً بشأن توجه الحكومة لتعديلها ابتداءً من مطلع 2022.. وبالتالي فإن ردود أفعال الشارع المحلي -والذين نتفهم وجهات نظرهم بأنها ستشكل عبئاً مالياً إضافياً عليهم- أمر وارد وطبيعي، لكن هناك نقطة مهمة أود أن أشير إليها، وهي التأكيد الحكومي أن هناك عدة خيارات للتعامل مع متطلبات المرحلة القادمة والخيار الأفضل هو الذي فيه تأثير محدود على المواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود، وكل ذلك من أجل تحقيق برنامج التوازن المالي، الذي تم تمديده إلى عام 2024.

الحقيقة أن المعطيات تعيدني إلى مربع الاستفادة من التجربة الشخصية كسيدة أعمال أولاً وتاجرة ثانياً ومواطنة ثالثاً وأخيراً، مع احترامنا للسادة النواب الذين لا أعرف أسامي معظمهم ولا يربطني أي نوع من الاهتمامات بمتابعة تصريحاتهم بتحشيد الشارع بوعود ليس لها من الواقع أي صحة أو حساب.

وبالرجوع إلى سيناريوهات زيادة الضريبة بين عدة خيارات، سأسردها بشكل موضوعي لنصل إلى الخلاصة الحقيقية، حيث إن الخيار الأول تقليل رواتب القطاع الحكومي الذي يضم حوالي 40 ألف موظف يقابله 6 أضعاف من المواطنين يعملون في القطاع الخاص، ناهيك عن التجار وأصحاب الشركات والعقارات بدون عدد المتقاعدين الذي يقارب 70 ألف متقاعد، فمن غير المنطقي تحميل برنامج ترشيد الإنفاق وتضرر فئة العاملين في القطاع الحكومي والتي لا تتعدى حتى 6% من المواطنين منطقياً.

في المقابل، فإن برنامج التوازن المالي المقرر الانتهاء منه في عام 2024، والذي تم تمديده بسبب الجائحة سيحقق أهدافه المرجوة من أجل العودة إلى نقطة التوازن، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن الانتهاء كلياً من أزمة «كوفيد» بدون أي موجات جديدة لا سمح الله، حيث إن مسؤولية تحقيق التوازن المالي لرفاهية الأجيال والحفاظ على مكتسبات الشعب، لا بد من أن يقابلها تنازلات حقيقية من الجميع.

الشيء الأخير الذي قد يغيب عن بال البعض، ولربما يحضر فئة مهمة، هو عودة المناقصات الحكومية بشكل مباشر وبدء شراكة حقيقية بين الشركات الكبيرة والمتوسطة وصولاً إلى الصغيرة أيضاً والاستفادة من الضريبة المضافة، حيث إن الممول للمناقصات هو الدولة، وبالتالي سيتم تنشيط السوق وسيؤدي ذلك إلى بداية فسحة مالية لحقبة نشطة وخلق آلاف الوظائف غير المباشرة.

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية