الرأي

بايدن و'هدة' خيل البصرة

قبل أن يقوم سائق جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي بهدم منزل لمدنيين فلسطينيين، تقدمت فتاة شقراء لإيقافه، لكنه تعمد قتلها بدهسها. كانت الفتاة ذات 23 عاماً التي أسكتتها جرافة إسرائيلية في 16 مارس 2003 هي الأمريكية راشيل كوري «Rachel Corrie»، كاتبة يوميات، وسير، وناشطة سلام، ولم يتحرك الديمقراطيون حينها كحركتهم لإقامة العزاء للمرة السابعة على جثة المرحوم جمال خاشقي، بل قبلوا ادعاء الصهاينة أن سائق الجرافة لم يستطع رؤية راشيل، رغم مروره على جسدها بالجرافة مرتين.

ونجزم أن خلق فراغ استراتيجي أمريكي في السعودية قرار أثقل من أن يحمله بايدن أو حتى الديمقراطيين مجتمعين كلهم، لأسباب منها أن العالم قد سئم من ‏دبلوماسية التقارير، كتقرير كولن باول عن نووي العراق 2003، وتقرير جستا/أوباما عن عقاب دول المشاركين في هجوم 11 سبتمبر، الصادر في 2016، ومثلهم حالياً تقرير بايدن عن خاشقجي 2021. وفي تقديرنا أن ما يجري حالياً هو توصيف مهذب للابتزاز الأمريكي رغم أن الأيام قد أثبتت أن الشقيقة السعودية غير قابلة للابتزاز، ولوكانوا عكس ذلك لكان الخليج كله في جيب تل أبيب وطهران منذ زمن. كما أن الرياض التي تتحاشى المواجهة بعقلانية ‏يمكنها بيسر ترويض إدارة بايدن بفك ارتباط العملة، فالرياض إحدى معاقل الدولار، والصناديق السيادية السعودية مؤثرة، ومبيعات السلاح، ومثلها النفط حيث يكفي لهز المكتب البيضاوي نفسه اتصال من وول ستريت أن يتم تخفيض الإنتاج الخليجي أو رفع سعره، مع ترك الإنتاج الروسي وفيراً دون تخفيض. ويبدو أن بايدن مدرك لذلك بدليل أن أول اتصال يجريه مع زعيم في الشرق الأوسط تم مع الملك سلمان! وكأنه يقول مجبر أخاك لا بطل، فوعوده الانتخابية مازالت طازجة. والتي تتضمن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي كان يتذرع بها أوباما ويرسمها خطوطاً حمراء في سوريا لكنه كحصان البصرة ينهك فيتوقف عن إنجازها فتحدث أبشع الجرائم ضد الإنسانية.

* بالعجمي الفصيح:

يقال إن خيل البصرة تمتاز بسرعة الانطلاق أو بالهدّة حيث لا يجاريها حصان آخر، ولكنها ما تلبث أن تفقد قوتها فتخف سرعتها من التعب وتخسر، ونكاد نجزم أن فزّة حصان بايدن المدرب في إسطبل أوباما تشبه هدة خيل البصرة.

* كاتب وأكاديمي كويتي