الرأي

الخليج في ثنايا قتل ترامب معنوياً

في العلاقات الدولية لا شيء يقوم على الصدفة، لكن ذلك لا يجبرنا على تبني نظرية المؤامرة للتهرب من التحليل الذي يتطلب جهد البحث والمراقبة وفيه يتحول المحلل من صاحب مشاهدة إلى صاحب رؤية. فربما صبت قرارات اتخذها ترامب في صالح الخليجيين إلا أنها تبقى مصلحة أمريكية مثل الخروج من الاتفاق النووي 5+1، ثم عزل إيران وتطبيق استراتيجية الضغوط القصوى من خلال عقوبات اقتصادية شديدة، كما أدرج ترامب جماعة الحوثي على القائمة الأمريكية السوداء في 9 يناير2021 مما يعني أن التعامل معها مالياً أو بتوريد الأسلحة، أو تبادل التجهيزات والسلع، سيكون تحت طائلة العقوبات. وهي خطوة منسجمة مع ما تريده الشرعية اليمنية كما كان قراراً مرحباً به خليجياً. ووقع ترامب أيضاً على بيع 50 مقاتلة F-35 و18 طائرة مسيرة للإمارات. وعلى بيع قنابل «بيفواي» الذكية للرياض.

من جانب آخر كان ترامب رجل إسرائيل -بحسب نيويورك تايمز- وقدم هدايا على مدى 4 سنوات لم يقدمها أي رئيس آخر، فاعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إلى القدس، وقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، ووكالة غوث اللاجئين «الأونروا». وأغلق مكتب منظمة التحرير بواشنطن، واعتبر الاستيطان شرعياً، وبسيادة إسرائيل على الجولان، بل ومنحهم سيادة أمنية على ما بين البحر والنهر، ورفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين. وضم إسرائيل إلى قيادة «سينتكوم».

ثم صارت إنجازات ترامب الشرق أوسطية على حسابنا، والمؤكد أنه ليس من الصدفة أن تكون جميع القرارات التي أوقفها الرئيس بايدن بداعي المراجعة هي قضايا تهم دول الخليج العربي بدرجة مؤثرة حيث قام بايدن بشطب ما هو لصالح الخليجيين دون أن يمس عطايا ترامب لإسرائيل، ربما من سوء طالعنا أن إدارة بايدن ماضية في قتل ترامب معنوياً عبر التخلص من إرثه السياسي داخلياً وخارجياً. وربما لأن لأمريكا أولوياتها الاستراتيجية وأن الخليجيين ليسوا على رأسها، وربما لأن هناك 11 مسؤولاً يهودياً في إدارة بايدن. ولتكتمل الصدف عين بايدن الدبلوماسي روبرت مالي للشؤون الإيرانية، وهو مصري، يهودي، وإيراني الهوى قاد كمستشار لأوباما، المفاوضات التي أدت للاتفاق النووي الإيراني 2015.

* بالعجمي الفصيح:

المعطي ترامب والملغي بايدن ورزق الخليج على الله.

* كاتب وأكاديمي كويتي