الرأي

المطلوب بعد طي الخلافات

من الأمور التي لا يختلف عليها أحد فيما يخص الاتفاق الذي وقع عليه قادة التعاون في قمة السلطان قابوس والشيخ صباح في العلا بالمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي هو أنه لا بد من القيام ببناء الثقة، فمن دونها لا يمكن طي الخلافات وإغلاق ملف الطارئ الذي حصل في السنوات الثلاث الأخيرة، ومن دونها لا قيمة عملية للاتفاق. لذا فإن المطلوب من كل الدول التي اختارت المصالحة وعبرت عن التزامها بما تم الاتفاق عليه أن تعمل استطاعتها على بناء الثقة خصوصاً وأنها بدأت بالفعل في تنفيذ أجزاء من الاتفاق مثل فتح الأجواء والسماح للمسافرين بالتنقل.

خطوة بناء الثقة ضرورية حتى بين الأفراد والعائلات إن تخاصموا فترة من الزمن ثم تصالحوا، وهي لا تقتصر فيما يخص المصالحة الخليجية على الدول التي تخاصمت ثم تصالحت ولكنها تمتد أيضا إلى الكويت وعمان اللتين بإمكانهما أن يسهما في التأسيس للثقة المطلوبة وفي ترسيخها.

هذه الخطوة ليست صعبة خصوصاً وأن الحديث هنا يدور عن دول شقيقة بل أكثر من شقيقة، والأكيد أن لديها جميعا الاستعداد للقيام بها وإلا لما اختارت التصالح. ولعل من بناء الثقة قيام كل هذه الدول بالتضييق على العامة من غير المستوعبين لمفهوم الحريات ومن مستغلي وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة سالبة كي يتوقفوا عن نكأ الجروح، فالمرحلة مختلفة، والكلمة الطيبة مطلوبة اليوم بقوة.

قيام أبناء كل دولة من الدول الخليجية الأربعة ومصر بالدفاع عن دولتهم وحكومتهم وقيادتهم فترة الخلاف أمر طبيعي، والأكيد أن التلكؤ عن القيام بهذا العمل في تلك الفترة يعتبر مخالفا لكل السنن وجارحاً للانتماء والوطنية، لكن لأن القيادات اختارت التصالح وعادت المياه إلى مجاريها فإن المطلوب هو قيام الجميع بتعزيز ما تم الاتفاق عليه والمشاركة في إنجاحه، وأول ذلك هو التوقف عن كل قول وفعل يمكن أن يؤثر سلباً على المرحلة الجديدة وعلى بناء الثقة.