الرأي

الضغوط النفسية

إن الضغوط النفسية التي تتعرض لها الأسرة في الألفية الثالثة تضاعفت كثيراً عما عهدنا عليه الحياة فيما مضى، فلم تعد الحياة مقتصرة على متطلبات الحياة البسيطة، سواء للمأكل والملبس أو المسكن فقط، بل تعددت متطلبات الحياة وزادت المهام وخصوصاً على الأم.

فلم يعد كافياً لمعظم الأسر الاعتماد على دخل واحد فقط، فما بين التعليم الحديث، ومتطلبات الرفاهية، والحياة الاستهلاكية التي تعيشها الأسرة في ذلك العصر تضاعفت الضغوط، وخصوصاً بعد أن أصبحت الأسرة في مرمى الاقتصاد الرأسمالي، فكل يوم نحاصر بشكل جديد من أشكال التكنولوجيا التي يسعى المصنعون لتسويقها لنا، وأحياناً يكون هناك متطلبات مترابطة لما تعودنا على استهلاكه، فلجأ المصنعون لطرح منتجاتهم على مراحل، ودائماً ما تكون المرحلة الأولى هي التي في المتناول، وتأتي المراحل التالية أكثر كلفة وتأثيراً على ميزانية الأسرة.

وأصبح العديد من الشباب يسعى لشريكة حياة تستطيع أن تعينه على متطلبات الحياة وتشاركه أعباءها المادية، ما زاد الضغوط على المرأة في عصرنا الحديث.

وتظهر مشكلات أخرى تابعة إذا كان شريك الحياة لا يدرك أن خروج المرأة للعمل يستوجب عليه مشاركتها في رعاية شؤون المنزل معها، وأن يتخلى عن المفهوم الخاطىء للرجولة، وأن يتنازل عن الفكرة الخاطئة أن أعمال المنزل حكر على المرأة متناسياً أن شريكته تساهم في تسيير أمور المنزل المادية، ما يستهلك منها الوقت الكثير، بل إنها في أحيان كثيرة تعود إلى المنزل وهي تحمل العديد من الضغوط التي تعرضت لها في أثناء العمل، ولا تكون في حالة تسمح لها بالتعامل مع أي مستجدات داخل المنزل، والذكي الذي يستطيع أن يستوعب شريك حياته.

لقد ظهرت بعض الدراسات في الولايات المتحدة في الألفية الماضية تناولت أوضاع الأسرة والضغوط التي تعانيها المرأة خاصة، وصنفت أنواع العمل ما بين مدفوع الأجر وغير مدفوع الأجر، لكي تحاول أن تحصر كم العمل المنوط بالأسرة وكيفية تقاسمه بين الرجل والمرأة، من أجل أن تحرر المرأة من بعض المفاهيم الخاطئة التي جعلتها تتحمل أعباء كبيرة.

ورغم أن المرأة سلكت دروب العلم وحققت العديد من النجاحات فإن بعض الرجال لا يستطيعون أن يستوعبوا هذه النجاحات وكيفية التعاطي معها، بل إن بعض هذه النجاحات أدى إلى مشكلات وخصوصاً إذا تفوقت المرأة على شريك حياتها في دروب العمل.

ولكن بعض الأسر استطاعت استيعاب الضغوط التي يتعرض لها الطرفان ونشأ لديهم مزيد من التفاهم والبعد عن الأنانية التي جعلتهم يستمرون في الحياة بشكل جيد وتنشئة أسرة صحية تربي أطفالاً يستطيعون أن يحصدوا نتاج نجاح الأبوين.

إن الضغوط قائمة بأي حال من الأحوال ولكن التعامل معها بشكل عقلاني وإيجابية يسهم في تذليل العقبات والبعد عن المشكلات التي تضاعف هذه الضغوط وتجعلها تنال من نفسية أفراد الأسرة جميعاً.