الرأي

سوق الكذابين 'ألا أونا ألا دو ألا تريه'

للكذب عندنا سوق رائج به زبائن كثيرة وأصحاب الدكاكين فيه بضاعتهم رائجة ومزدهرة ولا تزدهر بضاعة ما لم يكن لها مشترٍ.

هناك جمهور مستمع عنده قابلية لتصديق الخطابات الرنانة، ومثلما تجد البضاعة المغشوشة سوقاً والبضاعة الرديئة لها مشترياً يجد الكذب أيضا ًمشترياً قابلاً لبلع السم.

واحد كحسن نصر الله مثلاً أو شخص كأردوغان لديهما دكاكين تعج بالزبائن لذا هما يكذبان وعينهما مفتوحة ولغتهما الجسدية لا تنم عن ارتباك أو تلكؤ لولا أنهما على يقين أن هناك جمهوراً سيصفق وسيبلع الطعم ويستمر فاتحاً فاهه للطعم الذي يليه.

دعك من الذين يستلمون مرتباً ومعاشاً نظير تصفيقهم وتهليلهم والثناء على كلامهم فهؤلاء غير مقتنعين لكنهم ينفذون الأوامر وظيفتهم هي خلق حالة من التجاوب والتفاعل مع الكذبة، مثل وظيفة البائع الذي يقف عند باب الدكان صائحاً منادياً الناس ويعلن عن التخفيضات للحلوين!! هؤلاء قصتهم مختلفة إنما الواقع يؤكد أنه مازال هناك العديد من مصدقي أصحاب الدكاكين ويؤمن ببضاعتهم كرموز وكأشخاص ولذلك يثنون على قولهم حتى لو كان قولاً مثل هذا (نفكر بسحب سفيرنا من الإمارات) الذي قاله أردوغان تعليقاً على خبر التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وخلق موجة من السخرية لأنه ببساطة جداً من باب أولى أن يسحب هو سفيره من إسرائيل، إنما الرجل لم يستهن بعقولنا إلا لأنه يعرف أن هناك شريحة كبيرة بلا عقول فعلاً.

خطاب نصر الله الأخير بعد التفجير حافل بكذب يهد الجبال لهوله، ولولا أن هناك مشترياً لبضاعته الفاسدة لما باعها، قال إنه لا علاقة له بإيران فذكروه القوم بخطاب آخر قال فيه إن مالنا وسلاحنا و(صواريخنا) من إيران، قال إنه لا يعرف شيئاً عن المواد المتفجرة فذكروه بخطاب سابق هدد فيه إسرائيل بتفجير موانئهم بمواد متفجرة، ومع ذلك لم يتردد في إلقائه الخطاب الرديء لأنه يعلم أن هناك (شراي) شريحة كبيرة أغلقت العقل معه وسلمته مفتاحه.

هؤلاء يكذبون لأنهم يعرفون أن لهم أتباعاً كالقطيع تكفيهم كاريزمتهم ونداء دلاليهم الوحيد المسكين الذي لا اتباع له ولا مصدق له ولا يملك كاريزما ودمه ثقيل وكذبه خالٍ من الدسم لا طعم ولا مزية ومع ذلك فتح له دكاناً في سوق الكذابين هو حمد بن جاسم! هذا الرجل منبوذ من داخل وخارج قطر، ويتصنع الحكمة ولا أتباع له ولا مريد ومع ذلك فتح له دكاناً في سوق الكذابين لسبب واحد فقط أنه فارغ الآن من المهام والعمل فيتسلى باستفزاز العقول.

مما يؤسف له أنه في عالمنا العربي شريحة كبيرة جداً من يبلعون الطعم بسهولة، مع الأسف لدينا جمهوريتلقف الكذب ولديه قابلية التصديق، لا يُعمل العقل ولا يكلف نفسه مراجعة ما يسمع، لذلك يتمتع الدجالون والمنافقون والكذابون بجرأة منقطعة النظير ولهم من يسمعهم في عالمنا العربي وسوقهم رائج وإلا ما الذي يجعل الكذاب يستمر في كذبه ويلقى رواجاً؟ وما الذي يجعل خطاباً غبياً مردوداً عليه في الحال، وهناك ألف دليل على عدم صدقه يستمر ويتواصل وصاحبه يقوله وعينه مفتوحة ووجهه خالٍ من أي مؤشر للحياء؟

طالما هناك مشترٍ فهناك بيع قاعدة بسيطة جداً.