الرأي

'الفيروس' يُعري محتوى التلفزيون العربي

في الحقيقة أنا لست مخلوقاً تلفزيونياً، بمعنى، أنني لا أحب ولا أرغب في متابعة برامج التلفزيون ومسلسلاته، خاصة في شهر رمضان، وإذا كان ولابد، فإنني أشاهد بعضها من باب التسلية الخفيفة، أو لأجل الاستفادة من بعض البرامج الإخبارية أو العلمية وغيرها، مع أسرتي الصغيرة.

جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، جعلتنا متسمّرين أمام التلفزيون لاعتبارات كثيرة، لعل من أهمها #خليك_بالبيت. وبما أننا مضطرون للجلوس في منازلنا، سيكون التلفاز هو ما يمكن أن يستهلك الكثير من وقت العائلة العربية، خاصة في هذا الشهر الفضيل. وبما أن الجائحة عرَّت الكثير من نظمنا الأسرية والمجتمعية والثقافية وغيرها، فهي وفي طريقها عرَّت التلفزيون العربي بشكل عام ومعه الفضائيات، فالكثير من البرامج المعروضة خلال شهر رمضان، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، بأن من الواجب علينا مراجعة السياق الخاص بالشاشة الفضية لمحتويات لا ترتقي للمستوى المطلوب.

في الأعوام السابقة، كانت ذات البرامج الرمضانية تُعرض، وبجودة رديئة للغاية، لكن لم يكن الجميع يتلفت لها، باعتبار أن غالبية أفراد المجتمع يقضون أوقاتهم الرمضانية خارج المنزل، وبما أن هذا العام هو استثناء في كل شيء، صار جلوس الناس أمام التلفاز أكثر بكثير عمَّا سبقته من «الرمضانات» السابقة، وعليه لاحظ الجميع تردي المعروض والمحتوى التلفزيوني بشكل فاقع.

مسلسلات لا تضيف للمشاهد أي جديد أو مفيد. برامج سطحية غير ذات جدوى على الإطلاق. مسابقات ومقالب مصطنعة وسخيفة ومؤذية للذائقة والذوق العام. هذا هو المشهد التلفزيوني العربي باختصار. سوى اللهم القليل من البرامج والمسلسلات التي تعرض بعض المحتويات المفيدة على خجل واستحياء.

الآن، سيكون خطابنا هذا موجَّهاً للمؤسسة الرسمية في كل أرجاء الوطن العربي والمتمثلة في وزارات إعلام الدول العربية، والذي سيكون عبارة عن توجيه بعض الأسئلة لمن في يدهم الأمر.

كيف تسمح المؤسسات الإعلامية العربية المنوط بها مهمة رسم الخطط والبرامج والمشاريع التلفزيونية أن تقوم بعرض هذه البرامج والمسلسلات الهابطة والرخيصة في رمضان؟ أين دور الرقابة عن منع كل هذه التفاهات والقيح التلفزيوني الذي تشاهده الأسرة العربية المحترمة على شاشات التلفاز في شهر رمضان وبقية أيام العام؟ كيف لنا كشعوب متحضرة ومثقفة أن نقبل بهذا الكم الهائل من الغثيان التلفزيوني، فقط، لإنجاح وإرباح مؤسسات تجارية لا هم لها سوى الربح الفاحش عبر هذه البرامج المتخلفة والتافهة؟ ما ذنبنا نحن وما ذنب ذائقتنا كي تُفسد، ونحن نُجبر أن نُشاهد برامج رخيصة عبر شاشات التلفاز كل ليلة، لأجل أن يتربح من وراء مشاهداتنا، أصحاب المؤسسات الإنتاجية والإعلامية والإعلانية؟

أسئلة حائرة تحتاج لإجابات مقنعة من وزارات الإعلام العربية. ففيروس كورونا (كوفيد19) لم يتأخر في فضح كل عيوبنا الثقافية والأخلاقية والعملية، لعل آخرها، فضح غالبية «تلفزيوناتنا» وفضائياتنا العربية الموقرة.