الرأي

الوطنية في زمن 'كورونا'!

من وحي عنوان رائعة الأديب الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز «الحب في زمن الكوليرا»، وضعت العنوان أعلاه إسقاطاً على ما يمر به العالم من ظروف متقلبة بشأن فيروس «كورونا».

مؤلم جداً ما نراه يحصل في أنحاء العالم، وكذلك لدينا في البحرين، من ناحية وجود إصابات وقلق لدى الناس، وسط مساع للاحتواء والاحتراز والعلاج وضمان سلامة الآخرين، لكن الأكثر إيلاماً حينما يتم «استغلال» ظاهرة الفيروس هذا، استغلالاً سياسياً طائفياً عنصرياً، يصب في خدمة أجندات سابقة كانت تركز على استهداف البحرين، نظاماً وشعباً مخلصاً، بهدف الاستيلاء على مقدرات هذا البلد.

نعم «الوطنية في زمن كورونا»، هي عنوان المرحلة، لأن محاربة هذا الفيروس، بما يعني الالتزام بالتعليمات والإرشادات التي تعلنها الدولة، والتمثل بدور مسؤول إيجابي من قبل المواطنين، كلها أمور تؤكد «عمق وتجذر» الوطنية في النفوس، والمتمثلة بالتكاتف وقت الأزمات، والتركيز على مصلحة الوطن وأهله، بغض النظر عن تبايناتهم.

لكن مثلما قيل «في كل بلد مقبرة»، لا بد وأن يتقافز أناس كارهون للبحرين كدولة خليجية عربية، ولنظام حكم فيها عمل طوال قرون لصالح شعبه وحقق له الكثير، وحماه من تهديدات عديدة، فقط ليستغلوا هذا الحدث الجلل لصالح أجندتهم السياسية التي تتغذى على إذكاء الطائفية.

في الوقت الذي تمضي فيه البحرين للعمل بشكل كامل الشفافية، وتعلن فيه بكل وضوح وصراحة عن الأعداد والأرقام المعنية بالإصابات، وبالاشتباهات، وبحالات التشافي، وتكشف كل يوم عن معلومات محدثة، وإجراءات احترازية مطبقة، وفي الوقت الذي تشيد فيه منظمة الصحة العالمية بالمستوى المتقدم الذي استخدمته البحرين في التعامل مع الموضوع، وتتناقل أخبار البحرين وإجراءاتها وسائل الإعلام الدولية، تخرج عليك أصوات نشاز، ويتقافز على مواقع التواصل شخصيات كان لها «دور أساسي» في الانقلاب عام 2011 لتهاجم البحرين، رغم ما قدمته بلادنا لكافة المصابين، بينما «يخرس» هؤلاء عن ذكر حرف واحد عن إيران، وهي المصدر الذي جاءتنا منه العدوى بالفيروس.

والله البحرين كنظام «أرحم» بمراحل كبيرة على شعبها من هؤلاء «العنصرين» المعتاشين على «الطائفية» المقيتة، والساعين لتأليب قلوب الناس على بلادهم، هؤلاء الذين يرون في إيران جنتهم، ونظامها نظامهم الذين يأتمرون به، وخامنئي حاكمهم، هؤلاء لا تحتاج للرد عليهم لتخرسهم وتكشف زيفهم وتعري كذبهم، يكفى ما قامت به مملكة البحرين تجاه مواطنيها الذين زاروا إيران عبر خطوط جوية غير مباشرة، نظراً لأن الخطوط الجوية بين البحرين وإيران متوقفة منذ 4 سنوات، البحرين سعت لنقل مواطنيها جميعهم على دفعات، وليس مثلما حاول بعضهم «فبركة» الحقيقة وكأن البحرين لا علاقة لها، وقامت البحرين بنقل الدفعة الأولى بعدما جهزت كافة الأمور اللوجستية والطبية للاهتمام بهم وفحصهم والحرص على سلامتهم، وهذا ما أكدته تسجيلات لمقاطع فيديو صورها الأشخاص العائدون من داخل موقع الحجر الاحترازي. تخيلوا لو عادوا دون تجهيزات أو إجراءات وقائية! طبعاً النتيجة بينت إصابة 77 شخصاً، نتمنى لهم الشفاء العاجل، والبحرين أعلنت ذلك بكل شفافية ووضوح، وهي الآن في طور العمل على معالجة مواطنيها والسهر على شفائهم، وهو ما سيتحقق بإذن الله، بغض النظر من أين جاؤوا، وما هي أفكارهم ومعتقداتهم، وأي أمر آخر، ففي النهاية هم مواطنون بحرينيون، هم في مسؤولية دولتهم التي «تكترث لأمرهم» كبشر وأفراد، وليس كمن يتاجرون بهم باعتبارهم «مجرد أرقام». والآن ستكون هناك إجراءات مكثفة أكثر بشأن الآخرين ولضمان سلامتهم وأسرهم.

لينعق الناعقون، وليصرخ الانقلابيون الذين فشلوا في 2011، فالبحرين أكبر منكم وستظل، فلا يمكن مقارنة دولة تهتم لأمر الإنسان فيها، وتبذل الغالي والنفيس لحمايته وعلاجه، وبين أفراد يعيشون على التومان الإيراني في الخارج، ومهمتهم مهاجمة البحرين في كل شاردة وواردة.

البحرينيون العائدون من إيران، نتمنى الشفاء العاجل للمصابين، ونتحمد بالسلامة على من ثبتت سلامته، وبانتظار عودة البقية لحضن وطنهم سالمين معافين، ويكفي ما تثبته التجربة ويوثقه التاريخ، بأن البحرين كبلاد حانية على جميع أبنائها، وتهب لنجدتهم ومساعدتهم.

إنها الوطنية في زمن الأزمات التي تكشف المعادن الأصيلة المرتبطة بتراب وطنها، والواثقة بنظام حكمها، وقائدها الإنسان جلالة الملك حمد، القائد الذي طمأنكم بنفسه ودعاكم للتفاؤل فحالات التشافي تتزايد كل يوم، والدولة في خدمة أبنائها دائماً وأبداً.

هذه الوطنية تثبت نفسها بقوة في زمن كورونا، وأثبتت نفسها في منعطفات أخرى حرجة وصعبة، ولا عزاء لكارهي البحرين من عشاق نظام إيران وأجندته تجاه بلادنا.