الرأي

هلع الملالي

يعيش الشعب الإيراني والمقيمون في إيران وزائروها الذين لم يجدوا حتى الساعة وسيلة للخروج منها للنجاة بأنفسهم حالة هلع لأنهم لا يثقون في تصريحات مسؤولي النظام ويشككون في الأرقام التي يوفرونها عن المصابين والمتوفين بسبب فيروس كورونا الذي انتشر في البلاد بصورة فاحشة. لكن حالة الهلع الأكبر يعيشها النظام الإيراني الذي يدرك أن أحداً لم يعد يصدق تصريحات مسؤوليه ويعلم أن الجميع يشكك في الأرقام التي يوفرها عن المصابين والمتوفين بسبب الفيروس، ولهذا لم يجد قائد فيلق «أمير المؤمنين» التابع للحرس الثوري الإيراني في محافظة إيلام غرب إيران العميد جمال شاكرمي مهرباً سوى القول بأن «الأعداء والمناهضين للجمهورية الإسلامية الإيرانية يسعون لإثارة الهلع الاجتماعي في البلاد»، حيث الهلع في نظره ونظر مسؤولي النظام الإيراني كافة نتاج فعل من لا يريد الخير لإيران وليس نتيجة استمرار النظام في توفير أرقام كاذبة وابتعاده عن الصدق، وليس نتاج انتشار الفيروس إلى حد أنه ضرب أغلب المحافظات الإيرانية إن لم يكن كلها، وليس نتاج تكتم النظام وإرجائه مواجهة الفيروس كي لا يقل الإقبال على صناديق الاقتراع والقول بأن الانتخابات ناجحة.

شاكرمي قال خلال اجتماع لجنة مكافحة فيروس كورونا في محافظة إيلام «إنه نظراً لتفشي فيروس كورونا يسعى الأعداء لتضخيم الأمور وإثارة الهلع الاجتماعي في صفوف المواطنين» معتبراً بث قناة بي بي سي 71 خبراً عن إيران من بين 110 أخبار بثتها عن الفيروس تجنياً ومبالغة وعملاً عدائياً غايته بث الهلع في صفوف الإيرانيين، محتجاً بقوله إن ذلك يحدث رغم تفشي الفيروس في 60 دولة في العالم! ناسياً أو متناسياً بأن إيران صارت بؤرة الفيروس بعد الصين مباشرة وأنها قامت بتصديره إلى جيرانها وغير جيرانها.

شاكرمي دعا النظام إلى العمل «لتمكين وسائل الإعلام من السيطرة على الأجواء والحيلولة دون التوتر في الأجواء الافتراضية، من خلال نشر الأخبار الحقيقية» من دون أن ينتبه إلى أن حديثه هذا اعتراف صريح بأن النظام لا يوفر الأخبار الحقيقية عن هذا المرض ومدى تمكنه من إيران، وكذلك قوله «إن علينا في الحرب الحديثة إيجاد إمكانيات والاستفادة من طاقات العربات العسكرية لإزالة التلوث وتعقيم الأماكن العامة» فمثل هذا الإجراء لا تلجأ إليه الدول في حالة الإصابات القليلة بمثل هذا الفيروس والذي ظل النظام الإيراني يصر على أن هذه هي الحقيقة.

من الأمور التي لم ينتبه لها مسؤولو النظام الإيراني أن المعارضة الإيرانية والبلاد التي تتخذ من إيران الملالي موقفا لا يمكن أن تعمل على نشر حالة الهلع بين الإيرانيين لأن في هذا ضرر كبير عليهم وعلى المواطنين في الدول القريبة من إيران، ولأن هذا لا يمكن أن يكون هدفها لذا فمن غير المنطقي القبول بما قال به شاكرمي ومسؤولو النظام الإيراني الآخرون، فالهلع ليس في صالح الناس الأبرياء، والنظام ليس في حاجة إلى مزيد منه فهو يعيشه من قبل انتشار الفيروس.

النظام الإيراني هو الذي يعيش الهلع لأنه يعلم جيداً أن ما يجري في إيران حالياً هو بسببه، ويعلم أن الشعب الإيراني على يقين بأن انتشار فيروس كورونا هو بسبب التكتم عليه من قبل النظام أملاً في عدم تفشيل الانتخابات، وهذا يعني أن النظام الإيراني بدأ يتحسس رقبته لأنه من غير المعقول أن يسكت الشعب الإيراني ودول المنطقة التي صدر إليها الفيروس وشعوبها عن هذه الجريمة التي جعلتهم في مواجهة مباشرة مع المرض والموت.

كل ما يقال حالياً عن فيروس كورونا في إيران والمنطقة وكل الهلع المسيطر على النظام الإيراني تسبب فيه الملالي وليس المعارضة، وليس الدول التي تتخذ من النظام موقفاً.