الرأي

أول حاويات طريق الحرير للخليج 'كورونا'!!

في الخليج العربي صار وباء كورونا اسماً يبحث عن أجندة، فهو التناقض بين تعاطف الخليجيين مع بكين أو مسلمي الأيغور، وهو امتحان لإدارة الخليج للازمة بعدما شاهدنا كيف أدارت بكين طاعونها، كما أن كورونا أزمة تضاف لأزمات الخليج. فحتى طواعين الخليج الماضية لم تكن معقدة كما هي الحال مع كورونا الجديد، فقد فتكت الإنفلونزا الإسبانية بأرواح الكثير من الخليجيين 1918، ومن شدة هول هذا الوباء أطلق أهل البادية على ذلك العام «سنة الرحمة»، لكثرة الترحم على الموتى، وقد جاء للجزيرة العربية من البحر جهة الأحساء كما دون أمين الريحاني. لقد اعتمد الخليجيون في موقفهم الليونة حول ما يتعرض له شعب الأيغور إكراماً لاتفاقيات تجارية كثيرة جداً وقعت في كل عواصم دول مجلس التعاون لتكون ضمن مشروع «الحزام والطريق»، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، هذا التعاطف لم يظهر من الأمريكان ولا الغربيين إبان وباء كورونا بل استغل لتعرية ممارسات بكين في مجال حقوق الإنسان عامة سواء بحجز وإجبار ومنع الناس أو نقد التقارير غير الدقيقة حول الوباء.

لقد أدارت بكين أزمة كورونا بشيوعية صرفة تعتمد على محورين، الأول البروبغندا، والثاني تصدير الأزمة، فتضخيم عملية بناء مستشفى يتسع لألف سرير في أسبوع هي بروبغندا من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لصرف الأنظار عن قصورهم في تطويق الوباء. وكيف خرج، وتفشى في مجتمع متقدم وقائياً وعلاجياً. فالمستشفى لعلاج مرض واحد يعني غرفة مريض واحدة مكررة ألف مرة، ولا معدات به كالمستشفيات العادية، كما أنه بناء من نوع جاهز للتركيب «Prefab» وليس بناء تقليدياً من الصفر، والوحدات جاهزة أصلاً في حاويات وتباع لمخيمات اللاجئين، كما أن معظم جيوش العالم لها مهارات بناء مستشفيات ميدانية سريعة. فهل صرفت بكين أنظار مواطنيها أو العالم! أما في مجال تصدير الأزمة للخارج فالصين تتهم الولايات المتحدة بـ»تشجيع الهلع» لهدم الثقة بين الصينيين وحكومتهم، ولأجل الحصول على عقود بمليارات الدولارات لمحاربة الفيروس بالأدوية وشراء الكمامات، وفي الخليج لم تنتقل عدوى إدارة الأزمة بالطريقة الصينية للخليج، فقد أعلنت دولنا فرض إجراءات احترازية لمنع انتقال كورونا. لكن الضرر قد حصل في جوانب أخرى في الخليج، فتداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد الصيني لها تبعات على الاقتصاد العالمي وبالضرورة على الاقتصاد الخليجي وإن كانت الضربة الأكبر هي لجيران الصين. ففي الخليج سنعاني من انخفاض استيراد الصين للنفط وهي أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم مما دفع لتراجع الأسعار العالمية. ليس هذا فحسب فقد سرى الرعب في بورصات الخليج كالنار في الهشيم مع تفاقم القلق من تباطؤ النمو الصيني وحالة ركود واسعة، بل وشمل الضرر تعليق أكثر من شركة طيران خليجية لرحلاتها مع الصين.

* بالعجمي الفصيح:

النظرة الكلية للأشياء تظهر أن كورونا أكثر من وباء، فقد نبهت الاقتصاد العالمي إلى نهج بكين في إدارة أزماتها، فهل من المرضي أن يصلنا نهج كورونا في حاوية عبر طريق الحرير؟!

* كاتب وأكاديمي كويتي