الرأي

فرقة اغتيال العراقيين الوازنين

معلومات خطيرة انتشرت أخيراً تكشف عن مدى تغلغل النظام الإيراني في العراق عبر تأسيسه فرقة للاغتيالات نفذت الأوامر في العديد من الشخصيات العراقية التي تتخذ من إيران موقفاً. حسب الكثيرين فإن أوساطاً عراقية على قناعة اليوم بأن النظام الإيراني هو الذي يقف وراء عمليات القتل التي تعرضت لها شخصيات وازنة خصوصاً في السنوات الأخيرة، وحسبهم أيضاً فإن تلك العمليات ليست ذات طابع ثأري وليست محدودة وإنما هي ممنهجة.

من المعلومات أيضاً تلك التي كشف عنها أخيراً موقع «ديلي بيست» الأمريكي ومنها أن «الجنرال في الحرس الثوري الايراني، أحمد فورزنده، قاد عمليات تجسّس وتسليح واغتيال لمصلحة القائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة أخيراً قرب مطار بغداد». ومنها أيضاً أن «الجنرالين، سليماني وفورزنده، نفذا عمليات إيران في العراق من خلال «فرقة الموت الذهبية» التي شكلاها لتعقب وقتل العراقيين الذين يعملون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وطاردوا أولئك الذين يُعتبرون معادين للنفوذ الإيراني، وقاموا بتهريب الجواسيس والمال، والأسلحة إلى داخل العراق، حيث زرعوا الفوضى».

الموقع الذي قال إنه حصل على معلوماته من الوثائق التي تم رفع السرية عنها أخيراً نقل عن العقيد دونالد بيكون، رئيس سابق للعمليات الخاصة والمعلومات الاستخباراتية للتحالف، أن «وحدة رمضان الإيرانية هي المنظمة التي تقوم بعمليات العراق» وإن أعضاءها «هم الأشخاص الذين يهرّبون الأسلحة ويمولون ويساعدون في تنسيق متطرفي الميليشيات العراقية في إيران لتدريبهم ومن ثم إعادتهم إلى العراق». وحسب الموقع أيضاً فإن فورزنده كان قائد هذه الوحدة التي «يعود تاريخها إلى الحرب العراقية الإيرانية، وعمل في قيادة الفجر ومقرّها في الأحواز، وهي التي تولت عمليات في البصرة وجنوب العراق».

الوثائق الأمريكية التي حصل عليها الموقع شرحت بالتفصيل العمليات التي استهدفت من خلالها «فرقة الموت الذهبية» العراقيين الذين اعتبرتهم إيران «عقبات»، وكشفت أن «الوحدة تتكوّن من قيادة المخابرات الإيرانية التي تقدّم التوجيه والتمويل للعراقيين الذين تم تجنيدهم من جيش المهدي، وفيلق بدر، وحزب الفضيلة، وأحزاب شيعية ومليشيات عراقية أخرى تقوم بعملية الاغتيال» وأن المستهدفين بالعمليات هم «أعضاء حزب البعث السابقين، والعراقيون الذين يعملون مع قوات التحالف، والعراقيون الذين لا يدعمون النفوذ الإيراني في العراق».

وعلى ذمة ذلك الموقع وتلك الوثائق فإن «معظم هؤلاء العراقيين المرخّص لهم باتخاذ القرارات بشأن المستهدفين بالاغتيال هم أعضاء في الحكومة العراقية وقوات الأمن».

أما ما يقوله الناس في العراق عن موضوع الاغتيالات فكثير، منه أن «عصائب أهل الحق»من أذرع النظام الإيراني وأن رئيسها قيس الخزعلي مسنود بقوة من قبل إيران، ومنه أن ضحايا فرقة الاغتيالات تجاوزوا الألف قتيل وآلاف الجرحى، وواقع الحال يقول بأن العراقيين يعتقدون أن الميليشيات التي أسسها النظام الإيراني في بلادهم تتصرف بطريقة توحي أنها فوق القانون.

يكفي أن تكون تلك الوثائق والمعلومات التي نشرت في ذلك الموقع صحيحة بنسبة عشرة في المائة ليتيقن العالم وأولهم الشعب العراقي بأن للنظام الإيراني مشروع خطير في العراق يتم تنفيذه بدقة متناهية وأنه مستمر ولن يتوقف حتى يصير العراق كله في يد هذا النظام. أما المخرج من هذه المأساة فهو ذلك الذي يتفق عليه جميع السياسيين وملخصه قيام العراقيين بتحريك الدعاوى ضد النظام الإيراني أمام الهيئات الدولية المتخصصة، فليس بعد عمليات الاغتيال تلك إلا عمليات مثلها، وليس بعد ذلك التغلغل الإيراني في العراق إلا المزيد من التغلغل والمزيد من التحكم في الشأن العراقي، وهذا وذاك يعنيان أن العراق سيتحول إلى مستعمرة فارسية.