الرأي

كتيبة 'الأقوياء'.. 'ليفربول' مثالاً!

لا يخفى على كثيرين، من متابعين لي في «التواصل الاجتماعي» أو القريبين مني من أصدقاء وأهل، أنني من أشد المشجعين لفريق «ليفربول» الإنجليزي، هذا الفريق الذي أحببته منذ كنت في الثالثة من عمري، وشهدت على انتصاراته العديدة الممتدة إلى يومنا هذا.

مناسبة هذا الحديث، هو ما يقدمه الفريق الإنجليزي منذ العام الماضي وحتى هذا العام من أداء «خارق» ونتائج «مبهرة»، عبر فوزه ببطولة الأندية البطلة في أوروبا «التشامبيونزليج»، ومن ثم الظفر بلقب «السوبر الأوروبي»، وبعدها بطولة العالم للأندية، ووجوده حالياً بفارق كبير جداً عن أقرب مطارديه في صدارة الدوري الإنجليزي، هذه البطولة التي سيسترجعها لخزائنه بعد غياب طويل.

هذا الفريق تحول خلال السنوات الماضية لفريق لا يقهر، وأصبح ظاهرة تستحق الدراسة، وهناك إسقاطات عديدة تربطه كمثال صريح على «الإدارة الصحيحة».

نعم، الإدارة هي كل شيء، وستجدونها في كل شيء، وفي مثال «ليفربول»، ستجدون بأن البداية كانت باستقطاب مدرب ذكي وكفوء ليدير المنظومة، الألماني يورجن كلوب جاء من تجربة قوية مع فريق «بروسيا دورتموند» الألماني والذي نجح معه في مقارعة أقوى فريق ألماني على الإطلاق، الفريق البافاري «بايرن ميونخ»، وانتزع منه عدة بطولات في الدوري والكأس وخسر أمامه أيضاً في نهائي كأس أوروبا.

كلوب غير منظومة العمل مع الفريق، وكان ذكياً جداً في عملية استقطاب النجوم لفريقه، بدءاً من السنغالي ساديو ماني «أفضل لاعب في أفريقيا عام 2019»، والنجم البرازيلي روبيرتو فيرمينو، قبل أن يجلب «فخر العرب» المصري محمد صلاح، ليكتسح هذا الأخير الأرقام القياسية ويحصل على صدارة نجوم أفريقيا لعامين، وكذلك هداف الدوري لعامين، ومن ثم توالت عملية بناء المنظومة القوية، والتي سأسميها «كتيبة الأقوياء»، إذ نجح كلوب في صناعة أفضل ظهيرين في العالم حالياً من شباب بريطانيين صغار، الإنجليزي ألكسندر أرنولد فتي ليفربول منذ أكاديمية الصغار، و»قلب الأسد» الإسكتلندي أندي روبيرتسون، مع الظفر بخدمات أفضل حارس في العالم البرازيلي أليسون بيكر، وأغلى مدافع في العالم «حينما انتقل آنذاك» الهولندي فيرجيل فان دايك الذي نافس الأسطورتين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو على صدارة الأضواء العالمية، وتطول القائمة مع نجوم من طراز الهولندي وينالدوم، والإنجليزي ميلنر والقائد هندرسون، والبرازيلي فابينو، والكاميروني ماتيب، وغيرهم العديدين.

ما أريد الوصول إليه نقاط في غالية الأهمية، معنية ببناء المنظومات القوية، وتطوير قدرات النجوم فيها، بل تحويل الأفراد العاديين إلى نجوم بارزين، ولعل الإسقاط الرياضي قد يكون الأقرب إلى الاستيعاب، ومحبباً أكثر للبشر.

أولاً ضرورة وجود قائد قوي محنك وصاحب قدرات في عمليات التطوير ووضع الخطط الاستراتيجية، وهذا ما تمثل بالألماني يوجن كلوب. والنقطة الثانية صناعة النجوم، وتتفرع بداية عبر استقطاب الأسماء القوية، واللاعبين المهاريين والمؤهلين، والفرع الثاني يكون عبر صناعة وصقل النجوم الواعدين وتحويلهم لنجوم من العيار الثقيل، وفوق كل ذلك عملية ضبط إيقاع المنظومة، وتأسيس العمل الجماعي، وسد الثغرات بالأفراد، بحيث كل مركز يوجد فيه شخص يسد مكان العنصر الأساسي، مع الخطط والاستراتيجيات المحكمة.

حينما تصنع «كتيبة للأقوياء» في موقع العمل، أنت كمسؤول تصبح «قوياً»، وعملك يصبح ذا نتاج «قوي»، وكل الصعاب ستتذلل أمامك، لأنك تملك كتيبة يمكن الاعتماد عليها، يمكن بها مواجهة التحديات والصعاب، ويمكن من خلالها التغلب على كل شيء، وتحقيق الإنجازات المهولة وذات الأرقام التي لا تضاهى.

أقلها لنتعلم من كرة القدم أسس التخطيط والتنظيم وصناعة النجوم، فالإدارة الصحيحة والذكية هي «القلب النابض» لكل عمل غايته النجاح.