الرأي

السعودية.. هذه إيران 'الملالي'

ما قاله وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في العاصمة الهنغارية بودابست عن النظام الإيراني كله صحيح وكله يعرفه العالم ولكن ينبغي التذكير به في كل حين كي لا يجد هذا النظام أي فرصة للعب بالعقول عبر تصريحات مسؤوليه التي أولها وآخرها وما بينهما كذب.

الجبير قال إن «الخطاب الإيراني مزدوج»، أي أنها تقول شيئاً وتعمل نقيضه. التجربة أكدت أن ألسنة مسؤوليهم تنقط عسلاً لكن أيديهم تبطش بكل شيء تستطيع الوصول إليه. وهذه حقيقة صار يدركها الجميع ولم يعد يشكك في صحتها أحد، وترجمتها بالعامية «أسمع كلامك يعجبني.. أشوف أفعالك أتعجب». أما المخرج من هذا فرأى الجبير أنه «على طهران تغيير سلوكها»، فمن دون هذا لا يمكن لأي دولة وعلى الخصوص دول المنطقة أن تثق في النظام الإيراني، فأي ثقة يمكن أن تتوفر والدول ترى من طهران نقيض ما تقوله؟

الجبير قال أيضا في بودابست إن «العقوبات فرضت على إيران بسبب سلوكها في المنطقة وليس برغبة منا»، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد التشكيك فيها ولا يمكن لأي اثنين أن يختلفا عليها، فالولايات المتحدة لم تفرض العقوبات على إيران بإيعاز من السعودية أو من منظومة دول مجلس التعاون أو من أي دولة، ما أدى إلى فرض العقوبات على إيران هو سلوكها المشين في المنطقة وأوله التدخل في شؤون الجيران وتوغلها في العديد من دول المنطقة حتى لم يعد قرارها بيدها وتهديداتها المستمرة بإفناء كل من يحاول الوقوف في وجهها. والحقيقة الأكيدة في هذا الخصوص هي أنه لولا تعرض مصالح الولايات المتحدة في المنطقة للخطر بسبب سلوك النظام الإيراني لما أوقعت عليها تلك العقوبات.

أما قول عادل الجبير بأن «الدستور الإيراني ينص على تصدير الثورة» وأنه لهذا يأتي السؤال «كيف لنا التفاوض مع طهران؟» وهي مقيدة بالمواد التي تنص على تصدير الثورة فحجة كبيرة، والأمر الذي شهده العالم يوم اختطاف النظام الإيراني لثورة الشعب الإيراني في 1979 لا يمكن نسيانه أو التغاضي عنه، فهذا النظام أعلن وبوضوح منذ تمكنه من السلطة أنه سيعمل بقوة على تصدير الثورة وخصص بعض مواد دستوره للتأكيد على ذلك، وليس محاولات تدخله في شوؤن جيرانه منذ ذلك الحين وحتى اليوم إلا سعيا لتحقيق ذلك الأمر. من هنا يأتي السؤال عن كيف يمكن التفاوض مع نظام ينص دستوره على تصدير الثورة أي اقتحام الدول التي تتفاوض معه؟!

ولتأكيد حسن نوايا السعودية – ومعها أيضاً دول الخليج العربي التي تتخذ من النظام الإيراني موقفا واضحا – عمد الوزير الجبير إلى التفريق بين النظام الإيراني «الذي اختطف الدولة» وبين الشعب الإيراني الذي وصفه بأنه «معتدل تاريخيا»، وهذه حقيقة أخرى تضاف إلى مجموعة الحقائق التي أكد عليها وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في بودابست.

في السياق نفسه جاءت تصريحات نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود في مقابلة تلفزيونية بثت أخيراً حيث قال «النظام الإيراني يريد تصدير ثورته لدول الجوار.. ولديه أفكار توسعية.. ولا يريد شراكة بين دول المنطقة، بل جل ما يهدف إليه هو أن تكون تلك الدول ضمن مشروعه التوسعي»، ولهذا فإن «إيران ومليشياتها تهديد لأمن المنطقة»، واختصر الحال في السعودية وإيران بقوله إن «السعودية لديها رؤية 2030 التي تحرك المملكة إلى الأمام، في حين لدى إيران خطة من عام 1979 التي تريد إعادة المنطقة إلى الخلف».

الوحيدون الذين لا يقبلون بهذه الحقائق هم المهووسون بالنظام الإيراني وأرباب النظام والمستفيدون منه.