الرأي

من استكشاف الفضاء إلى استعماره

لطالما كان ارتياد الفضاء ضرباً من الخيال، وقد أخضعه البشر - منذ أن كان حلماً - للتساؤلات حول إمكانية حدوثه، لكننا جاوزنا ذلك إذ تحول الأمر إلى حقيقة متخذاً أبعاداً علمية واستكشافية على مدى عقود من الزمن - وسط تصديق للغرائبيات وتكذيب أو إنكار من بعض رجال الدين وبعض العوام في عدم إمكانية تحقق ذلك - لكنّ تحولاً آخر كان أكثر فجائية بالنسبة للناس عامة، وهو تحول الفضاء إلى طريق سياحية جديدة. ويبدو أننا في تلك السلسلة المتواصلة من الأفكار المذهلة حول الفضاء، لن ننتهي أبداً، بل لربما نحن في أول الطريق وحسب، فسرعان ما تحول الأمر من الاستكشاف والسياحة في الفضاء إلى الحديث عن المستعمرات الفضائية، بل إن طرح المستعمرات الفضائية بات أكثر تداولاً وجرأة، واتسعت معه دوائر الخيال في طبيعة الحياة هناك في فترة زمنية قياسية..!!

يعد استعمار الفضاء أحد أهم المشاريع الهامة والضخمة التي تعكف عليها عدد من الوكالات الدولية للفضاء نحو وكالة «ناسا» الأمريكية و»إيسا» الأوروبية، إلى جانب وكالة الفضاء الروسية ونظيرتها الصينية وغيرها. ويقوم المشروع بالعمل على تهيئة الظروف لإقامة البشر على نحو دائم خارج كوكب الأرض، إقامةً يتحقق خلالها الاكتفاء الذاتي التام دون الحاجة للاستعانة بالأرض أو أي دعم منها. ولا شك في أن مشروعاً كهذا محفوف بكثير من التحديات على رأسها مقومات الحياة البشرية خارج الأرض، والتي بات يعمل العلماء عليها بجدية تامة لاسيما بعد اكتشافهم كميات هائلة من المياه في قطبي القمر وعلى المريخ.!!

* اختلاج النبض:

مثير هو الحديث عن المستعمرات الفضائية، لكن الحياة خارج الأرض لن تأخذ صورة نمطية واحدة، ولن تكون تكراراً ليوم روتيني ممل يمارس على الدوام، فالحياة بالتأكيد لا يمكنها أن تقتصر على جانب العمل والاستكشاف والتغذية وحسب، فبقاء العنصر البشري واستمراره هناك مرهون بكثير من الأنشطة التي تكفل استمراره، وأعني بذلك ما يأتي في سياق عملية التكاثر، ولم يغفل العلماء هذا الجانب بل وقفوا عليه بجدية هو الآخر. وقد برز ذلك بوضوح في فيلم الخيال العلمي لـ»براد بيت» «Ad Astra»، الذي تناول إمكانية بقاء البشر على المريخ لما يربو على العقد والنصف، في حياة طبيعية آمنة، بل والأهم من ذلك عرضه لشابة ولدت في المريخ، دار بينها وبين بطل الفيلم حديث مقتضب حول رغبتها في ارتياد الأرض طالبةً منه أن يصفها لها. صحيح أنها كانت فكرة عرضية لم يتجاوز طرحها دقائق معدودات، ولكنها كانت كافية لتبليغ الرسالة حول ما يجري البحث فيه في الوقت الراهن.