الرأي

التنمية المستدامة والأمن الغذائي وجهان لعملة واحدة

واجهت الإنسان عبر تاريخه كثيراً من المشكلات ومن أبرزها مشكلة الأمن الغذائي، والإنسان بطبعه وفطرته صانع الحلول منذ بدء الخليقة، أمتهن الصيد والزراعة وتربية الماشية، كل ذلك جاء من معاناته التي عاناها من المجاعات التي حلت به وكذلك من الحروب التي خاضها، ونتيجة لذلك كان هناك أثر كبير في تقريرمصيره وحضارته ومازالت الأزمات قائمة إلى الآن، حيث تشكل عملية تأمين الغذاء أهم جانب من جوانب الحياة وخصوصاً مع الأوضاع والأزمات الاقتصادية الجديدة المتمثلة في تصاعد العجز الغذائي، وأيضاً هناك دروس مستفادة وواضحة من خلال الفجوات الغذائية الحادة والظاهرة للملأ ومن أبرزها انتشار الجوع وسوء التغذية والتي نراها في بعض الدول، كما نرى بعض السياسات الاقتصادية والتنموية أسيرة بعض الدول المنتجة للغذاء والتي تتحكم فيه وتسيطرعليه، في حين أن بعض الدول العربية هي دول زراعية وفيها الصيد البحري الوفير والمراعي الخضراء التي تساعد على تنمية الثروة الحيوانية وإنتاجها مع العلم إنها قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي ولديها القدرة أيضاً على تصدير الغذاء في حال ما استغلت الإمكانيات المتاحة لها ووضعت الخطط الاستراتيجية التنموية وتمت متابعتها حتى وصولها حيز التنفيذ.

إن مفهوم الأمن الغذائي الذي أطلقته قمة الغذاء العالمية والذي انطوى على توسيع المفهوم لكي يتضمن السلامة الغذائية والتوازن في المكونات المغذية، ويؤكد هذا المفهوم أن «الأمن الغذائي على المستويات الفردية والأسرية والوطنية والإقليمية والعالمية يتحقق عندما يكون لدى الجميع وفي جميع الأوقات إمكانية الحصول على حاجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لممارسة حياة فاعلة وصحية».

كما يعرف الأمن الغذائي بأنه قدرة الدولة على تأمين الغذاء للمواطنين والمقيمين سواء كان ذلك بالإنتاج المحلي أو بالاستيراد الآمن غير المتذبذب والمتعرض للأخطار من الخارج، وهناك أنواع من الأمن الغذائي ومنها:

الأمن الغذائي المطلق فهو يعني إنتاج الغذاء المحلي داخل الدولة أي ما يعادل أو يفوق الطلب المحلي، وهذا يرادف الاكتفاء الذاتي الكامل ويعرف أيضاً بالأمن الغذائي الذاتي.

وأما عن الأمن الغذائي النسبي فهو قدرة أي دولة ما أو أي مجموعة دول على توفير السلع والمواد الغذائية سواً كلياً أو جزئياً، كما يعرف أيضاً بأنه القدرة على توفير الاحتياجات من السلع الغذائية الأساسية أو بالأحرى ضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياجات وبإ ستمرار، وهذا التعريف لا يعني بالضرورة إنتاج كل الاحتياجات الغذائية الأساسية بل يقصد به أساساً توفير المواد اللازمة والضرورية، وبالتالي فإن المفهوم النسبي للأمن الغذائي ينبغي أن يؤسس على ثلاثة مرتكزات أساسية، وهي وفرة السلع الغذائية، وديمومة السلع الغذائية في الأسواق، وأن تكون أسعار السلع في متناول يد الجميع.

ومن الواضح أن مملكتنا الحبيبة لديها معظم المقومات التي تساعد على توافر الناتج المحلي الذي يقود إلى الأمن الغذائي الذاتي وذلك من خلال تضافر الجهود المبذولة لتعزيز هذا الجانب وجعله من الأولويات.

ومن هذا المنطلق ضربنا عصفورين بحجر واحد، وهما الاقتصاد والعمل، وكذلك الاقتصاد والمال، وكلاهما وجهان لعملة واحدة، ومثل هذه التحديات تعد رافداً أساسياً للأمن الغذائي، ولعلنا نرى أن هناك كثيرا من ينتقد لأجل النقد فقط ولكن ماهي الحلول؟ ومن هنا علينا أن نبدأ وبمساندة من الحكومة الموقرة بصب الإهتمامات للنفع العام لكي نعمل ونشكل إضافة جديدة إلى الواقع الملموس، وبحسب الإمكانيات المتاحة، حول دمج العلم والتكنولوجيا الحديثة والبحوث لتقليل مصاريف الإنتاج والاستفادة من المزايا المتوفرة حالياً والإكثار من البرامج التنموية والمعارض ذات العلاقة، وذلك للتحصن من الأخطار القادمة المتوقع منها وغير المتوقع.