الرأي

مكتوفو الأيدي أمام أطراف تأزيمية مستمرة

كم كتاباً صدر عن أزمة البحرين يتناول حقائق ما جرى في مملكة البحرين في عام 2011 مقابل الكتب العديدة الصادرة من قبل الطرف الآخر أي أعداء البحرين؟

بعد سنين طويلة مضت، إن لم تكن هناك كتب وإصدارات تتناول حقيقة ما جرى في أزمة البحرين الأمنية 2011 -وأمام الكتب والمطبوعات التي تصدر من الأطراف المعادية للبحرين-، ستزور الحقائق وتطمس، فالعالم الخارجي لن يفهم حقيقة المشروع التدميري الذي أريد تأسيسه داخل مملكة البحرين.

تلك أسئلة مشروعة طرحها الكاتب والمحلل من المملكة العربية السعودية عبدالرحمن السقاف الحسن خلال ندوة «البحرين ورياح النصر» التي نظمها مشكوراً مجلس الدوي بالمحرق، وشاركته في الطرح الصحافية والكاتبة فوزية رشيد، حيث أكد أن عدد الكتب التي تتناول حقيقة ما جرى في البحرين لا تتجاوز الـ12 كتاباً، وأن هناك كتاباً لمحللة أمريكية تدعى توبي ماثيسن تحت عنوان «الخليج الطائفي والربيع العربي الذي لم يحدث» تطرقت فيه بأسلوب يزور حقيقة أزمة البحرين الأمنية، حيث استند طرحها على الكثير من المعلومات المغلوطة، فغياب كتب ومطبوعات تكشف حقيقة ما تم بالمعلومات والأدلة والإثباتات سمح لأصحاب التزوير وتقليب الحقائق ببث أكاذيبهم بكل أريحية.

تلك الإشكالية التي طرحت كانت على الجرح تماماً، فللأسف الشديد هناك اتجاهان فيما يخص أزمة البحرين الأمنية، اتجاه يرى أهمية إغلاق هذا الملف نهائياً وتجاوز محطاته وتجنب تداوله، بل ويتمنى حتى ألا يتم ذكر أي وقائع فيه من باب درء الفتنة وعدم العودة إلى مشاهد الشد والجذب مع عملاء إيران، وحتى لا يتسبب بالحساسية مع أطراف تم تغريرها وعادت وتراجعت عن موقفها ولا يثير الفرقة من جديد، رغم أن هذا الاتجاه بالأصل يرى ويطالع بين فترة وأخرى وعبر كل السنين التي مرت بنا، أن هذا الملف في كل مرة يثار بطريقة مختلفة عبر دكاكين حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المضللة التي تحاول بناء قناعات مغلوطة عن مملكة البحرين وترسيخها لدى الرأي العام الدولي، حتى وصل الأمر إلى تداول قضية البحرين في البرلمانات الأوروبية ومجلس الكونغرس الأمريكي وشخصيات دولية وجهات تتبع الأمم المتحدة، فهو مخطط وإن تم تقبيره إلا أن هناك من يسعى ليل نهار لإحيائه وبث الفتنة فيه للإساءة للبحرين ومنجزاتها بأي طريقة وعلى أمل أن ينجح يوماً.

أما الاتجاه الثاني فيرى أهمية توثيق تلك المحطات والرد على الحملات الإعلامية والحقوقية المضللة وعدم ترك الساحة لهم في تشويه سمعة وصورة مملكة البحرين دون أن يكون هناك بالمقابل توضيح للحقائق على الأقل، فهناك حاجة لإيضاح حقيقة مواقف مملكة البحرين حتى فيما يخص إجراءاتها التي تتخذها من باب حقها كمملكة في ممارسة سيادتها وقوانينها وأنظمتها والرد على من يحاول تحريف واقع أن مملكة البحرين دولة خليجية عربية ذات سيادة مستقلة. وقد ذكرنا شخصياً خلال الندوة أن معظم الأقلام والشخصيات الوطنية التي ظهرت خلال أزمة البحرين للأسف الشديد بعدها إما أصبحت وفق نظرية «كارت محروق» أو صنف كمؤزم وهجومي وطائفي ومصطلحات غريبة عجيبة لا يصفها به عملاء إيران وتنظيم الحمدين قطر فحسب، إنما أيضاً عدد من الفئات التي إما تكون جاهلة أو تخلط بين المفاهيم والاتجاهات أو فئات تريد كسر عزيمة هذه الشخصيات وإضعافها وإيقاف نشاطها وإحباطها «أعداء النجاح أخطر من أعداء البحرين من عملاء إيران، فأسوأ ما في النوع الأول أنه مصنف على اتجاهك وعداوته غير ظاهرة، عكس عملاء إيران الذين سيدرك الطرف المحايد أن كل أفعالهم تأتي من باب العداوة المعلنة المكشوفة»، حتى وصل الأمر إلى ممارسة نوع من التنمر المجتمعي عليهم ومحاربتهم واستهدافهم ومحاولة إبعادهم عن الساحة بأي طريقة وعلى أيدي أشخاص من المفترض أن يكون قلبهم على البحرين لا على مصالحهم الشخصية أو وفقاً لأهوائهم ومشاعرهم السلبية!

وإذا ما أردنا أن نكون أكثر دقة فنحن ندرك أنه حتى في صفوف الانقلابيين والمحرضين هناك اختلافات وأكثر من اتجاه، فهناك اتجاه إرهابي يرى أهمية إسقاط النظام وإعلان الولاء المطلق لنظام طهران الجائر، وهناك اتجاه يرى أهمية العودة إلى مشهد التلاحم الوطني أقله ظاهرياً وتأجيل الخطط الانقلابية إلى حين التمكن من التغلغل في مفاصل الدولة أكثر مع إيقاف الأعمال الإرهابية منعاً للتصعيد فخسارة كل المكتسبات والمناصب بالدولة!

هناك كتاب تطرق له السقاف يدعى سنواصل المسير- دليل الجماهير «بصائر للجماهير»، متوفر على الإنترنت، يقوم بتعليم وتلقين الإرهابي المخل بالنظام والمشارك في المحاولات الانقلابية في مملكة البحرين بعد انتهاء فترة محكوميته في السجن كيف يعود ويندمج في المجتمع البحريني من باب عدم اليأس إنما مواصلة طريقه وأهدافه الخفية!!

لذا؛ شخصياً لا نتفق مع مبدأ أن تتجاهل وتظل ساكتاً عن الرد من باب أن عدم الرد أحياناً رد أمام حملات حقوقية وإعلامية دولية مستمرة تؤسس لقناعات متجذرة لن تستطيع بعد سنوات تغييرها بسهولة عند العديد من الجهات والرأي العام الدولي أو تجنب فتح ملفات الأزمة الأمنية من باب مراعاة أطراف هي بالأصل تصنف حتى في كبار الدول الديمقراطية تحت مسمى «خونة أوطانهم»، إنما لا بد حتى أن تنوع في خطابك عن الأزمة بالتنوير والتوعية والتثقيف ومن باب الوقاية خير من العلاج، حتى لا يتكرر مشهد تغرير البعض من شريحة الجهلاء أو الذين مشوا مع موجة الأزمة الأمنية في بدايتها وخدعوا بها حينما اتجهوا إلى دوار العار، ظناً أنها ثورة شعبية تجمع بين جميع مكونات المجتمع البحريني، لا ثورة انقلابية تستهدف شرعية وعروبة مملكة البحرين، فالأطراف التأزيمية هي من تحاول سكب الزيت على النار، ولا يمكن أمام حراكها المستمر الذي يتجه نحو التوثيق للسنوات القادمة وتزوير تاريخ تلك الفترة ووقائعها أن نقف مكتوفي الأيدي نسير وفق نظرية التجاهل والسكوت وعدم الرد وتجنب الطرح!