الرأي

النجاحات تضاء بالإيجابية

لا أستطيع ان أكمل عملي.. الظروف ظلمتني.. الحظ لم يحالفني.. تتردد هذه الكلمات كثيراً ونسمعها في حياتنا اليومية.. فهل فكرّت يوماً بأن المشاعر السلبية تُصَحح بواقع التفكير للإنسان نفسه.. وأنك لن تكون شيئاً إلا إذا كنت إيجابياً..

كان أينشتاين يقول «إن القدرة على التخيل أهم بكثير من المعرفة».. لهذا نجد أن الأشخاص الذين يغذون عقولهم وأرواحهم وقلوبهم بالصور الإيجابية المضيئة يحققون من النجاحات والإنجازات ما لا يستطيع أن يحققه من يستسلم لواقع سلبي مظلم.. ويقضي معظم وقته وهو يندب حظه ويشتكي من سلبيات الحياة.

هل سمعتم عن قصة الطيار الحربي جورج هول الذي وقع أسيراً في حرب الفيتنام.. وتم وضعه في صندوق مظلم.. وفِي كل يوم كان هذا الطيار يتخيل نفسه يلعب الجولف ليقضي على الشعور بالشلل الحركي الفكري، كي لا يفقد عقله في هذا السجن المظلم.. وحدث أن تم إنقاذه بعد سبع سنوات من الأسر.. وبعد أسبوع واحد فقط استطاع أن يشارك في مسابقة عالمية للجولف وفاز بمرتبة متقدمة جداً.. فمن هنا تأتي قوة الخيال الإيجابي في صناعة الواقع الناجح.

إن العقل البشري بطبيعته لا يُفرّق بين الشيء الحقيقي والخيال.. فهو يستقبل المعلومات ويحوّلها إلى صور ذهنية، سواء كان يُستقبَل ويرى بالعين، أو يُستقبَل ويرى بالمخيلة.. فهناك علاقة كبيرة بين قوة التخيل وصناعة الواقع.. حيث تم استنتاج هذا الأمر بناء على الكثير من التجارب المختلفة من قبل علماء النفس الإكلينيكي والتجريبي، والذي يدعو إلى الدهشة أن في كل مرة تكون النتائج متشابهة!

في إحدى الدراسات في المجال الرياضي جاؤوا بمجموعة من لاعبي كرة السلة، وتم تحديد نسبة التسديد الناجح لكل لاعب.. ثم قسّموا هؤلاء اللاعبين إلى ثلاث مجموعات بطريقة عشوائية.. المجموعة الأولى تم تدريبها على الرميات الحرة كل يوم لعدة ساعات.. والمجموعة الثانية لم يتم تدريبها نهائياً.. أما المجموعة الثالثة فطلب منهم أن يتدربوا على الرمية الحرة بخيالهم فقط.. بعد الانتهاء من التمارين وجدوا أن المجموعة الأولى تحسن أداؤها..أما المجموعة الثانية فلم يكن هناك أي تحسن كما هو متوقع.. ولكن غير المتوقع والذي كان يدعو إلى المفارقة بأن المجموعة الثالثة تحسن أداؤها بنفس نسبة المجموعة الأولى! فكيف حدث ذلك؟؟؟؟!!!

بمعنى علمي واضح.. عندما نكون سعداء وإيجابيين فإننا نبحث عن الصور الإيجابية من حولنا.. فيتغّذى العقل بهذه الصور.. فالدماغ يستقبلها كأنها حقيقة ليسعى الى إنجازها.. مما يؤدي إلى مضاعفة إفراز هرمون الدوباتمين الذي يقوم بوظيفته فيجعلنا أكثر سعادة.. فنكون أكثر نشاطاً وطاقة وحيوية.. وكذلك يجعلنا أكثر ذكاء وأكثر قدرة على رؤية الفرص واقتناصها.

في كتاب The Happiness Advantage للكاتب «Shawn Achor».. جاء ليصحح خطأ الاعتقاد بأن الإنسان يعمل ويجتهد ويثابر من أجل إنجاز يشعره بالسعادة.. ليبيّن لنا أن المعادلة الصحيحة مقلوبة.. إذ لابد أن نتفاءل ونشعر بالسعادة كي نكون منجزين.

عليكم أن تبحثوا عن نقاط قوتكم فهي التي ستخلق لكم الفرص.. فالنجاح ليس مرتبطاً بشهادات ومناصب ولا شهرة.. النجاح يأتي بالإحساس بالمسؤولية والهمة العالية.. وإذاكان الجهد الذي يبذله الإنسان في الحياة أقل من النتيجة المرجوة اعلموا بأن النتيجة ستأتيكم متى ما كان عندكم التصور الصحيح لمعنى الإيجابية.. فتكونوا سعداء في حياتكم.. عليكم أن تشحنوا ذواتكم بالإيجابيات.. فسترون العالم مشرقاً، مضيئاً، ومليئاً بالإنجازات.

فالإيجابية والمبادرة صنوان لا يفترقان.. فإذا كنتم تسعون لعمل ما ولَم تنجحوا.. لا تستسلموا لطرق العيش السلبية فتكونوا سلبيين.. وإذا جربتم مرة ومرتين ولَم يتحقق حلمكم.. فالمتبقي أمامكم ألف مرة لم يتم تجربتها بعد كي تصلوا إلى ما تريدون.. تخيَّلوا حياتكم بالشكل الذي تريدون.. فستكونون يوماً ما كما تريدون.. فلا يوجد شيء اسمه فشل - وإن وجد - فالسبب هو أنتم وليس هم.

كل الإنجازات العظيمة تبدأ من الداخل.. بعيداً عن أيادي البشر وأعينهم.. فعقل الإنسان وحده من يراها.. فيُؤْمِن بها لتكون حقيقة يسعى إلى تحقيقها.. وتذكروا أن الإيجابية عدوى.. فانشروها بينكم لتصل إلى أطفالكم.. فيكون الغد جميلاً.. مليئاً بحب العمل والإنجازات.