الرأي

السعودي من له الكلمة الأخيرة

لا يردع الغربان المحلقة على المملكة العربية السعودية غير موقف رسمي يغلق هذا الملف عن التداول الإعلامي المحلي بأمر القضاء، فهذه قاعدة أساسية هم يعرفونها قبلنا، إذ إن استقلالية القضاء تقتضي حمايته من التأثير الإعلامي.

ثانياً، لا يردعهم غير موقف شعبي يخرج من عباءة خاشقجي ويركز على مساندته للقيادة السعودية فهي المستهدفة لا خاشقجي، ولا العدالة في قضيته هدف.

والموقف الشعبي اتضح بهذه الوقفة المشرفة وضوح الشمس، فهم يظنون أنهم أحدثوا شرخاً في الصف الوطني يضعف من الموقف الرسمي، لكنّ اللحمة الوطنية السعودية الواضحة كانت هي الرد على تخرصاتهم.

من يرد على هذا السعار الإعلامي على المملكة العربية السعودية هم أهلها وناسها، نساؤها يسابقن رجالها وصغارها مع كبارها، السعوديون بجميع أعراقهم وأنسابهم ذابت كل فروقاتهم دفاعاً عن وطنهم، لا مرتزق مدفوع الثمن يغير موقفه بتغير العملة المدفوعة.

السعودي وحده من يقرر مصيره وشأنه الداخلي والسعوديون أدركوا حجم المؤامرة وضخامة الحملة، اندفعوا بالتوحد والاصطفاف خلف القيادة دون دعوة ودون أمر، ذلك هو الرد الجازم على كل من يطالب ويتدخل في شؤون المملكة الداخلية.

من أنتم حتى تكتفوا أو لا تكتفوا بالإجراءات؟ الإجراءات ليست خدمة تقدم لكم حتى تبدوا رضاكم عنها، فلا أحد يتدخل في شؤونكم وفي قضائكم وفي محاكمكم، فلا تتدخلوا في شؤون غيركم هذه هي الرسالة التي يجب أن تصل، إذ رغم كل ما تدعون، وتصفون أنفسكم به فإن في كل دولة من دولكم يظلل عليها سحب من الظلم والعنصرية وانعدام للإنسانية.

السعودي يعرف أنه لم يجد دولة واحدة ممن صرحت بأن الإجراءات السعودية (غير كافية)، خالية من أجندات خاصة بها، ولا علاقة لها بقضية خاشقجي، أوروبية كانت تلك الدول أو غير أوروبية.

السعودي يعرف أن أياً منها لا يخلو سجلها الحقوقي من انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان على مر تاريخها إلى اليوم، وبالمقابل يعرف أن موقف أي منها ليس خالياً من المصالح الذاتية، والتقوّت على معاناة الآخرين، جميعها دون استثناء تبحث عن مصالحها الخاصة وتستغل قضية خاشقجي بلا أدنى شعور بالمسؤولية الأخلاقية، لذلك هو من يقف خلف قيادته، ويدفعها ألا تتحدث مع هؤلاء من موقف ضعف أو موقف توسل بالتفهم والمراعاة، كما إنه لا أحد يجرؤ أن يفرض على المملكة العربية السعودية أي إجراء قسري وخلف قيادته مثل هذا الشعب.

كلهم باتوا يعرفون أن القضية تجاوزت خاشقجي بكثير، ودخلت فيها تنافسات حزبية في أمريكا، وفي ألمانيا، ودخل فيها مصالح للوبي الإيراني الأمريكي يخاصم ترامب ويريد أن يضعف التحالف السعودي الأمريكي ضد إيران.

جميعهم يدركون أن القضية دخلت فيها رغبة أوروبية في تخفيف الضغط على إيران، ورغبة في الحصول على مزيد من الصفقات مع السعودية تعوض خسائرها في إيران، ورغبة في مناكفة ترامب.

ودخلت فيها رغبة تركية في تخفيف الضغط عليها وغيرها من أهداف معلنة وغير معلنة، معلنة بعد تسرع أردوغان وطرح نفسه خليفة للمسلمين قائلاً إن تركيا هي خير من يمثل العالم الإسلامي كعادته يتسرع في قطف الثمار ويفضح نفسه.

لذلك من يظن أن التصريحات الأوروبية أو الأمريكية أو التركية يهمها تحقيق العدالة أو الانتصار لخاشقجي فهو واهم و ساذج.

تركوا سوريا، و تركوا إيران، وتركوا تركيا، وكلها دول تشهد انتهاكات تفوق قصة خاشقجي ألماً، ونحن نتحدث عن ضحايا بالآلاف بل بالملايين من أطفال وشيوخ ونساء، ونسوا كل هؤلاء الضحايا وتمسكوا بالسعودية إذ يظنون أنها ضحيتهم التالية، وعلقوا قميص خاشقجي على راياتهم، ولا يعرفون أن السعوديين هم من له الكلمة الأخيرة ولا أحد غيرهم في شؤونهم.