العقل والضمير العربي ما بين حرب أكتوبر ومعاهدة السلام '1'
الاثنين 08 / 10 / 2018
ذكر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بعد نكسة حرب 1967 مقولة هامة وهي «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، ومن هنا كانت حرب أكتوبر 1973 هي نقطة الانطلاق في استرداد الأراضي المحتلة، وكان يمكن أن تكون علامة فارقة وتحقق سلاماً جزئياً. فأعقب نصر أكتوبر انسحاب إسرائيل وتوقيع اتفاق فض الاشتباك على الجهة المصرية وبعده بعدة شهور وافقت سوريا على فض اشتباك في الجولان. ولكن فض الاشتباك في سيناء أعقبه بعد عدة شهور مبادرة السادات بزيارة القدس في 19 نوفمبر 1977، وكانت مفاجأة مثل حرب أكتوبر فحققت هزة في المجتمع الدولي والمجتمع الإسرائيلي الذي أخذته موجة السلام على غرة، ومن هنا ضغط على القيادة الإسرائيلية فتراجعت عن تشددها كما ضغط الرئيس الأسبق كارتر وكان صادقاً في مساعيه واستجاب السادات لذلك، ولكن الفلسطينيين والعرب لم يدركوا الرؤية الاستراتيجية للسادات ففي العالم العربي عاش كثيرون في وهم القوة وفي وهم النضال وكلاهما لم يسفر عنه شيء سوى ضياع العراق بالاحتلال الأمريكي ثم الطائفية والتغلغل الإيراني وبعده سوريا ولبنان واليمن وليبيا ربما في الطريق والجماعة المسماة جبهة الرفض والتصدي لم تقبل شيئاً وظلت رافضة ثم تراجعت بينما إسرائيل والمعتدلون العرب أدركوا أهمية الرؤية الاستراتيجية للسادات.
ولكن بعد 25 عاماً من 1977-2002 قبل العرب في قمة بيروت مبدأ «الأرض مقابل السلام»، بما في ذلك جبهة الرفض، ولكن الذي رفض مبادرتهم ولم يقبلها كانت إسرائيل وأمريكا، وقبل ذلك، كان الصحافي الأمريكي توماس فريدمان قد زار السعودية، وتناقش مع المسؤولين من أجل التقدم بمبادرة حتى يمكن إقناع إسرائيل وأمريكا بالاستجابة لمطالب الفلسطينيين، واستبشر البعض خيراً، ولكن ظلت حبراً على ورق. وزاد التشدد الإسرائيلي وتوسعت المستوطنات وتراجعت قوة العرب البترولية فأصبح البترول رهينة إرادة أمريكا وليس بإرادة العرب. وواجه العرب أخطر حادثين باغتيال الملك فيصل، ثم اغتيال السادات، ففقد العرب أهم زعيمين لديهما شجاعة ورؤية وحكمة في اتخاذ القرار.
وتوغلت إسرائيل وقصفت بيروت وقتلت قيادات فلسطينية في بيروت ثم في تونس، وعاد الصراع الفلسطيني الداخلي ليقدم أحسن هداياه لإسرائيل بانعدام القيادة بموت عرفات مسموما كما تشير كثير من التحليلات وهكذا استخدمت إسرائيل العملاء في الإطاحة برئيسين وملك. أما الباقون فكانوا قد أتقنوا فن الشعارات بلا عمل وهم المنافقون الذين يقولون ما لا يفعلون وارتموا في الحضن الإيراني أو الأمريكي أو غيره من القوى الكبرى التي تبيع شعارات لمن يشترون بأغلى الأثمان رغم رداءة جودة السلعة وعدم تسليم البضاعة أو بالأحرى تنفيذ الوعود والاتفاقات المكتوبة وموقعة من الطرفين.
المستوطنات زادت والدمار للأراضي الفلسطينية تزايد حتى عندما جاءت أوسلو باتفاقاتها أيدها معظم العرب وعارضها كثيرون وبعض الفلسطينيين عاشوا مع بعض العرب في الشعارات غير المجدية وبعض قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لا تنفذ لانعدام القوة والاختلاف الدولي والعربي والفلسطيني.
ماذا كان سيحدث لو العرب وقفوا صفاً واحداً وراء السادات بقوته في حرب 1973 وبقوة مصر وشجاعتها في اتخاذ القرار، ولمن لا يعرف أن اتفاقات الهدنة عام 1949 بعد حرب 1948 كانت مصر أول من وقعها في رودس وظل آخرون في شعاراتهم ثم انصاعوا صاغرين.
ما نريد قوله أنه لو كان العرب والفلسطينيون أصحاب رؤية استراتيجية وشجاعة مثل السادات والملك فيصل وياسر عرفات لكانت الدولة الفلسطينية حقيقة ولكانت إسرائيل انسحبت من الضفة بأسرها ولم تكن المستوطنات قد انتشرت ومزقت الضفة الغربية، ولم يكن التطرف الفلسطيني والرفض بلا تصدي لإسرائيل من قبل أصحاب الشعارات. والسؤال أين هؤلاء الآن؟ فالجولان محتلة، وفلسطين محتلة حتى رام الله وغزة فهم جميعاً تحت الحصار الإسرائيلي ولا يستطيع أحد أن يخرج من الأرض المحتلة أو يعود إليها إلا بإذن إسرائيل. سيناء تحررت من إسرائيل ولكن للأسف جاء حكم ديني في مصر فأطلق العنان لدعاة الإرهاب وأنصار الدولة الإسلامية الوهمية الذين دمروا أفغانستان ثم جاؤوا لتدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا وتدمير سيناء التي بفضل جيش مصر البطل حافظ عليها وهزمهم.
* خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية
ولكن بعد 25 عاماً من 1977-2002 قبل العرب في قمة بيروت مبدأ «الأرض مقابل السلام»، بما في ذلك جبهة الرفض، ولكن الذي رفض مبادرتهم ولم يقبلها كانت إسرائيل وأمريكا، وقبل ذلك، كان الصحافي الأمريكي توماس فريدمان قد زار السعودية، وتناقش مع المسؤولين من أجل التقدم بمبادرة حتى يمكن إقناع إسرائيل وأمريكا بالاستجابة لمطالب الفلسطينيين، واستبشر البعض خيراً، ولكن ظلت حبراً على ورق. وزاد التشدد الإسرائيلي وتوسعت المستوطنات وتراجعت قوة العرب البترولية فأصبح البترول رهينة إرادة أمريكا وليس بإرادة العرب. وواجه العرب أخطر حادثين باغتيال الملك فيصل، ثم اغتيال السادات، ففقد العرب أهم زعيمين لديهما شجاعة ورؤية وحكمة في اتخاذ القرار.
وتوغلت إسرائيل وقصفت بيروت وقتلت قيادات فلسطينية في بيروت ثم في تونس، وعاد الصراع الفلسطيني الداخلي ليقدم أحسن هداياه لإسرائيل بانعدام القيادة بموت عرفات مسموما كما تشير كثير من التحليلات وهكذا استخدمت إسرائيل العملاء في الإطاحة برئيسين وملك. أما الباقون فكانوا قد أتقنوا فن الشعارات بلا عمل وهم المنافقون الذين يقولون ما لا يفعلون وارتموا في الحضن الإيراني أو الأمريكي أو غيره من القوى الكبرى التي تبيع شعارات لمن يشترون بأغلى الأثمان رغم رداءة جودة السلعة وعدم تسليم البضاعة أو بالأحرى تنفيذ الوعود والاتفاقات المكتوبة وموقعة من الطرفين.
المستوطنات زادت والدمار للأراضي الفلسطينية تزايد حتى عندما جاءت أوسلو باتفاقاتها أيدها معظم العرب وعارضها كثيرون وبعض الفلسطينيين عاشوا مع بعض العرب في الشعارات غير المجدية وبعض قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لا تنفذ لانعدام القوة والاختلاف الدولي والعربي والفلسطيني.
ماذا كان سيحدث لو العرب وقفوا صفاً واحداً وراء السادات بقوته في حرب 1973 وبقوة مصر وشجاعتها في اتخاذ القرار، ولمن لا يعرف أن اتفاقات الهدنة عام 1949 بعد حرب 1948 كانت مصر أول من وقعها في رودس وظل آخرون في شعاراتهم ثم انصاعوا صاغرين.
ما نريد قوله أنه لو كان العرب والفلسطينيون أصحاب رؤية استراتيجية وشجاعة مثل السادات والملك فيصل وياسر عرفات لكانت الدولة الفلسطينية حقيقة ولكانت إسرائيل انسحبت من الضفة بأسرها ولم تكن المستوطنات قد انتشرت ومزقت الضفة الغربية، ولم يكن التطرف الفلسطيني والرفض بلا تصدي لإسرائيل من قبل أصحاب الشعارات. والسؤال أين هؤلاء الآن؟ فالجولان محتلة، وفلسطين محتلة حتى رام الله وغزة فهم جميعاً تحت الحصار الإسرائيلي ولا يستطيع أحد أن يخرج من الأرض المحتلة أو يعود إليها إلا بإذن إسرائيل. سيناء تحررت من إسرائيل ولكن للأسف جاء حكم ديني في مصر فأطلق العنان لدعاة الإرهاب وأنصار الدولة الإسلامية الوهمية الذين دمروا أفغانستان ثم جاؤوا لتدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا وتدمير سيناء التي بفضل جيش مصر البطل حافظ عليها وهزمهم.
* خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية