الرأي

الكل يتجرأ على خامنئي

ينص الدستور الإيراني في مادته الخامسة على أن ولاية الأمر وإمامة الأمة في إيران في زمن غيبة الإمام المهدي «الإمام 12»، تكون بيد الفقيه العادل المتقي العالم بأمور زمانه، الشجاع الكفؤ في الإدارة والتدبير، وهو الذي يتولّى هذا المنصب. وتذكر المادة «109» الشروط اللازمة لتوليه، وهي ثلاث، متمثلة في الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه، والعدالة والتقوى اللاّزمتين لقيادة الأمة الإسلامية، والرؤية السياسية والاجتماعية الصحيحة والتدبير والشجاعة والكفاءة الإدارية والقدرة الكافية للقيادة. غير أنه من الواضح أن كبر سن المرشد البالغ من العمر 80 عاماً، قد أفضى إلى غياب الرؤية وبالتالي أفقده الشرط الأخير، غير أن المحيطين به من مصاصي دماء الشعب الإيراني مازالوا يبقون على المرشد خامنئي واقفاً ليستظلوا بظله.

أما شعبياً فالأمر مختلف كلياً، فأزمة العقوبات التي فجرت الغضب الشعبي أدت إلى تدني نظرة القدسية للولي الفقيه الحالي، يبرهن ذلك رسالة التمرد غير المسبوقة والمنشورة مؤخراً من قبل مهدي كروبي -وهو من أبرز رموز المعارضة والحركة الإصلاحية في إيران- إذ وجه كروبي رسالته إلى مجلس خبراء القيادة، يطلب فتح تحقيق حول المؤسسات الاقتصادية والعسكرية المرتبطة بمرشد الثورة علي خامنئي. وتعكس هذه الرسالة الامتعاض الشعبي من فساد المؤسسات التابعة للمرشد والثراء الفاحش للمشرفين عليها في وقت تعاني فيه البلاد من الفقر، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتفاقم تدريجياً مع اقتراب موعد دخول العقوبات الأمريكية على طهران حيز التنفيذ نوفمبر المقبل، يضاف إلى هذا أن الرسالة تعكس بوضوح ضياع هيبة المرشد، فالجوع ظالم، وعدم الاستقرار يقود إلى ما تم السكوت عنه، وينزع كل قناع على القائد، وتشير إلى مسؤولية خامنئي المباشرة عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي زادها تردياً عودة العقوبات الأمريكية. هذا ناهيك عن أن الإيرانيين في حالة خوف من تأهب النظام لقمع المواطنين المحتجين على تبديد الأموال على تدريب الميليشيات الحوثية وحزب الله، بينما يتقاعس مجلس الخبراء عن ممارسة مهامه الأساسية والمتمثلة في التحقق من نجاح استراتيجية خامنئي، فالتقاعس هو ما أوصل البلاد لهذه الحالة المزرية، فضلاً عن تدخل القادة العسكريين في شؤون السياسية الداخلية والخارجية.

قد نبرر خروج كروبي على الولي الفقيه ورسالته الغاضبة بكونه معارضاً وقيد الإقامة الجبرية، لكن الأشد قسوة لتداعي هيبة خامنئي أن ربيب النظام الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قد هاجم المرشد منذ أن رفض توجيهاته بعدم الترشح للانتخابات، فأوعز خامنئي لمجلس صيانة الدستور الخاضع لهيمنته برفض ترشيح نجاد.

* اختلاج النبض:

موجة احتجاجات اجتماعية قوية قادمة في وقت ضياع هيبة المرشد الأعلى خامنئي مؤشر على أن سارية السفينة على وشك التحطم بعد تمزق أجزاء كبيرة من الشراع في بحر من العواصف الخارجية والداخلية، أما الموجة الكبرى فستكون مع موعد الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران.