الرأي

لن نحتفل بالنصر على 'داعش' حتى تتطهر سيناء

قبل عشرة أيام بالتمام والكمال من مجزرة سيناء التي ارتكبها وحوش الدواعش يوم الجمعة كتبت هذا المقال لصحيفة الأهرام وكما هو غيره من الإنذارات التي نتوقعها لا تجد صدى إلا بعد فوات الأوان.

مقال قلت فيه إن مصر لا يجب أن تترك وحدها تحارب (داعش السيناوي) أي الدواعش الذين أعادوا تموضعهم العسكري من بعد خروجهم من الرقة والموصل ليزاولوا نشاطهم الإرهابي في سيناء.

وقلت إن الهدف لمن يقف وراء داعش هو تقسيم مصر وفق لخارطة برنارد لويس ووعد كونداليسا رايس عام 2006 في إسرائيل بأن شرقاً أوسطاً جديداً على وشك الولادة، ويراد اليوم فصل سيناء عن مصر تمهيداً لتقسيم مصر كما هو مرسوم بالضبط.

و قلت إن مصر تحارب وحدها وغائبة تماماً عن خارطة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب منذ تشكيله وحتى اللحظة بالرغم من أن الدواعش أعلنوا بوضوح عن سيناء أنها دولة للخلافة الداعشية. وهذا هو المقال الذي نشر في الأهرام بتاريخ 16 نوفمبر:

«يحرم علينا الاحتفال بالنصر على «داعش» حتى نطردها من سيناء كما طردناها من الموصل والرقة، إذ لا يعد الانتصار على ذلك التنظيم الإرهابي انتصاراً حتى يخرج من مصر كما أخرج من العراق وسوريا.

تطهير مصر من الإرهاب يجب أن يكون هدفاً للتحالف وهو ما يجب أن تصر عليه الدول العربية المشاركة في التحالف الدولي، وبالأخص التحالف الرباعي المقاطع لقطر نظير مساهماته ومشاركته في أي مجهود دولي لمكافحة الإرهاب، إذ لا تعد نفسك منتصراً حين يعيد عدوك تموضعه فيخرج من هذه الخاصرة ليدخل من الثانية.

في أكتوبر من عام 2014 نشرت مؤسسة فورن بوليسي جدولاً مفصلاً بالأرقام وأنواع المساهمات التي قدمتها دول التحالف الدولي في الحرب على «داعش» التي قارب عددها ستين دولة.

تنوعت فيها المساعدات بين مادية وبين عينية وبين مشاركات في العمليات القتالية، «فألبانيا على سبيل المثال أرسلت أسلحة وذخيرة إلى القوات الكردية في العراق. وقالت في وقت سابق إنها سترسل إمدادات، بما في ذلك 22 مليون طلقة عيار 7.62 ملليمتر لبندقية AK-47 ، 15000 قنبلة يدوية، و32000 قذيفة مدفعية من عيارات مختلفة».

«أستراليا مثال آخر سلمت حوالي 150 طناً من ذخيرة الأسلحة الخفيفة للمقاتلين الأكراد، أرسلت ما لا يقل عن 5 ملايين دولار من المساعدات الإنسانية الطارئة إلى شمال العراق، بما في ذلك إنزال جوي إلى جبل سنجار وقرية آمرلي» وهكذا الأمر مع بقية الستين دولة قدمت مساعدات متنوعة ذهبت كلها لمواجهة التنظيم في العراق و سوريا فاين نصيب مصر إذا؟ لماذا لا يتعامل التحالف الدولي مع (داعش السيناوي) إن صح التعبير كما يتعامل مع (داعش الموصلي) او( الرقي)؟

مصر تخوض حرباً شرسة ضد «داعش»، إنما العجيب أنها ليست على خريطة التحالف الدولي للقضاء على «داعش»! فأين المنطق والعقل والضمير من هذا التجاهل وترك مصر تصارع وحدها؟

لماذا التركيز على مطاردة التنظيم في العراق وسوريا والاهتمام يكاد ينعدم بمصر، ويقل بليبيا، وهي التي على الحدود الغربية لمصر التي تقع بين كماشتي «داعش» شرقاً وغرباً؟

من الواضح جداً أن من يقف وراء «داعش» ينقل ثقله الآن إلى سيناء هادفاً لفصلها عن مصر أمنياً تمهيداً لتقسيمها بعد تقسيم العراق وسوريا، والإعلان الرسمي من التنظيم الإرهابي بأن سيناء ولاية تابعة للدولة الإسلامية المزعومة ومبايعة أبو بكر البغدادي، الذي تم عام 2014 هي البداية لمحاولات التقسيم، إنما منذ بدأت طائرات التحالف قصف «داعش» لم يتجه أي منها إلى مواقعهم المعروفة في سيناء، بل منذ سقوط ليبيا في يد «داعش» منع عن جيشها السلاح وهي الجناح الغربي لمصر!!

«داعش» تنشط في سيناء حتى قبل إعلان الولاية، إذ قامت بعمليات عسكرية تم فيها تفجير خط أنبوب تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل والأردن، ثم محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري في الخامس من سبتمبر عام 2013، التي أسفرت عن وقوع إصابات كثيرة، بينها عدد من أفراد الشرطة، ومقتل 25 من مجندي الأمن المركزي في كمين نصبه لهم أفراد التنظيم في 19 أغسطس 2013، وهو ما عرف إعلامياً باسم «مذبحة رفح الثانية»، والهجوم بسيارة مفخخة على مديرية أمن جنوب سيناء في السابع من أكتوبر عام 2013، وكذلك تفجير مبنى المخابرات العسكرية في الإسماعيلية في 19 أكتوبر عام 2013 (المصدر البي بي سي العربية)، فأين كانت الحرب على الإرهاب؟ وأين كان التحالف؟

أما بعد إعلان التنظيم سيناء ولاية من ولايات دولته المزعومة، فكثف هجماته، إذ قام في أكتوبر 2014 باستهداف نقطة تفتيش للجيش في 29 يناير 2015، واستهداف نادي وفندق القوات المسلحة ومقر الكتيبة 101 في العريش، واستراحة للضباط قرب قسم شرطة العريش ليلا، وقد قُتل في الهجوم 32 عسكرياً ومدنياً.

وفي مساء الأربعاء 18 نوفمبر نشرت مجلة دابق الإلكترونية صورة قالت إنها للقنبلة التي استخدمها التنظيم في تنفيذ عمليته وتفجير الطائرة. وأظهرت الصورة قنبلة بدائية الصنع قال التنظيم إنه استطاع تهريبها إلى الطائرة من مطار شرم الشيخ عبر ثغرة أمنية.

وفي 25 نوفمبر 2016، شنت «داعش» هجوماً على نقطة أمنية شمال سيناء أسفر عن مقتل 12 مجنداً من الجيش المصري.

ثم شهد عام 2017 تصاعد في العمليات الإرهابية في سيناء و في القاهرة وآخرها جريمة «الواحات» تزامناً مع طرد التنظيم من العراق و سوريا، و كان من أسس لقيام «داعش» في العراق وسوريا ينقلهم إلى مصر وسيناء تحديداً، ومن قسّم العراق وسوريا يريد تقسيم مصر بعزل سيناء وفصلها على اعتبار أنها منطقة صراعات تمهيداً لخلق كيان مستقل ومنفصل عن مصر الأم.

السؤال الآن هو: إن لم تكن تلك حرباً يخوضها تنظيم «داعش» ضد مصر بإعلانه سيناء «ولاية إسلامية» فما الحرب إذن؟ إن لم يكن فصل سيناء عن مصر هدفاً إجرامياً لا يمكن السماح به فما الهدف إذن؟ والسؤال الأهم أين التحالف الدولي بغاراته بذخائره بمعداته بمساعداته عن تنظيم الدولة الإسلامية في مصر؟ إن لم ننصر مصر الآن فمتى ننصرها إذن؟ أم ننتظر حتى تقسم؟