الرأي

عام جديد بين الإنجازات والإحباطات

من القلب


أول مرة أسافر إلى دبي، في رأس السنة، وأشاهد الألعاب النارية الجميلة، من برج خليفة، مشاهدة حية، وليس من خلال عدسات الكاميرا، وأستمع الى هتاف الجموع، من جميع دول العالم، الذين حضروا من أجل هذه اللحظة، اللحظة التي ينتهي فيها عام، ويدخل عام جديد، والفيصل في تلك اللحظة، الألعاب النارية التي أبهرت الجميع، حيث استمتع كل من تواجد هناك بتلك اللحظة التاريخية، في بلد يحلم الكثير بأن يتواجد في هذا الوقت فيه بالذات، هناك على أرض دبي الجميلة.
وجودي مع أهلي في دبي يعتبر يوماً تاريخياً أيضاً بالنسبة لي، ودعنا مع بعض عاماً، واستقبلنا عاماً جديداً، في أجواء مليئة بالفرح والسعادة، وسط آمال على أعتاب المستقبل، كل شخص وكل عائلة وكل صحبة احتفلت برأس السنة الجديدة، على طريقتها، ومثلما خططت لها تقريباً، وأنا سعدت بأني تواجدت مع أهلي في دبي، فسعادتي في تلك اللحظة تفوق الوصف، وتمنيت لو أن الدقائق تتوقف عند تلك اللحظات الجميلة، مع سوالف بنات خالي و»يولة» عبدالرحمن، ومشاغبات عبدالله، فالعائلة دائماً تأتي في المرتبة الأولى، فهي لحظات وذكريات تبقى في ذاكرة الصغير والكبير منا، وسعادتي تكون دائماً مع أبنائي فهم مصدر قوتي وطاقتي الإيجابية.
كلنا ينتظر السنة الجديدة ويوم ميلاده بفارغ الصبر، ويستعد له استعداداً نفسياً ومعنوياً للاحتفاء بهذا اليوم، نفرح ونسعد عندما تحين اللحظة التي نطفئ فيها شموعنا المضيئة، ونحن في الحقيقة نودع عاماً من عمرنا «بحلوه ومره»،يمضي عام ويأتي عام آخر، وهكذا تمر بنا الأيام وتتوارى بكل لحظاتها وذكرياتها، ما يجعل البعض يتساءل، ماذا فعل بتلك الأيام التي مرت، هل كان فرداًَ منتجاً وإيجابياً؟ هل تصارع مع الأيام ليحقق أحلامه؟ أم استسلم لكل عقبة ولم يحاول أن يغير أو أن يتغير؟ وهذا بالتأكيد ينطبق أيضاً على كل مؤسسة ومنظمة، ماذا حققت في العام الماضي من مشاريع وما خططها المستقبلية مع العام الجديد، فالاحتفال بعيد ميلاد أو بعام جديد ليس مسألة شمعة أو ألعاب نارية أو «هيصة» وعد تنازلي، بل الاحتفال يجب أن يكون مقروناً بخطط جديدة ذات إنتاجية أعلى من السابق، لتحقيق الأفضلية والتغيير الإيجابي، فعلى الصعيد الشخصي نحتاج إلى تجديد معنوياتنا، وأسلوب حياتنا وإنتاجيتنا، فالإنسان بالتأكيد يمر بخبرات وبتجارب عديدة مع كل مرحلة من مراحل عمره، والشاطر كما يقال من يستفيد ويتعلم من العثرات، بل يجعل من الماضي نقطة انطلاقته وقوة دافعة حتى يتغلب على المستحيل، وأن يحقق ما يتمناه ويرسم طريق النجاح له ولمن حوله، وألا يلتفت إلى الماضي التعيس إلا عندما يحتاج إلى قوة تفاضل، كيف كان وكيف أصبح الآن، فلو كل شمعة نطفئها كل عام تجعل منا «دينامو» لأصبحنا في المنطقة التي تتحرر فيها أحلامنا وآمالنا وتتحقق أحلام اليقظة، وكذلك الحال عندما نقارن العام الماضي والخطط المستقبلية على مستوى الدولة، مقارنة صريحة لمستقبل المواطن، حتى يحظى بعيشة كريمة ورفاهية له ولأسرته، وتنافس حقيقي بين دول العالم في كل مجال.
كيف تودع وتستقبل عامك الجديد، فأمامك كفتين، كفة بها إحباطات كثير من الأشخاص وغلاء معيشي وصراعات وحروب وفتن، وكفة من الإنجازات التي تحققت والإيجابيات المتعددة من حولك في محيط الأسرة والعمل وحتى من الشارع وبمن تلتقي بهم، وربما لا تعرفهم. ومن عدم الإنصاف، أن ينظر الإنسان إلى النصف الخالي من كأس الماء، ويتجاهل الجزء الممتلئ، وكذلك الحال بالنسبة إلى العام الماضي، فمن الجحود أن نستذكر اللحظات السلبية ونتناسى اللحظات الجميلة، التي جعلتنا نضحك حتى البكاء، ومن الخطأ أيضاً ألا نتفاءل بالخير، حتى ولو استقبلنا العام الجديد ببعض الفتن، تبقى مساعينا للتغيير الإيجابي أول خطوة للتخطيط الصحيح لمستقبل واعد مليء بالمسرات.