الرأي

سلاحنا المقيد

كلمــة أخيــرة



حين قررت إيران محاربتنا أعدت عدتين، الأولى جندت خدمها وأحذيتها القذرة وعبيدها من مواطني دول الخليج والدول العربية الأخرى غير الفارسية، ممن يظنون أن لهم قدراً عند وليهم ولا يدركون أنهم لا يزيدون عن سكين تغدر به الشعوب العربية في ظهروها، فلا قيمة لخائن حتى عند من يجنده، إذ لا أحد يحتقر الخائن أكثر من الشخص الذي جنده، أما العدة الثانية التي أعدتها إيران في حربها ضدنا فهي الإعلام.
ليس عبثاً أن تدير إيران أكثر من 40 قناة تلفزيونية كلفة تشغيل الواحدة منها لا تقل عن مليون إلى مليون ونصف دينار سنوياً كي تعمل ضدنا، عدا كلفة التأسيس.
ليس لأن إيران تريد السبق الصحفي لها حين تجري أحداث في البحرين مثلاً، فتلك القنوات لم تنشأ بغرض أن تكون لإيران قنوات إخبارية مهنية تنافس بها الـ«بي بي سي» أو الـ«سي إن إن»، أو حتى تنافس بها قناة «العربية» في عالمنا العربي.
إيران خصصت أكثر من 60 مليون دينار سنوياً لقنوات تلفزيونية على أساس أنها سلاح لا يقل أهمية في معركتها في إسقاط الدول العربية والتمدد فيها، حتى وإن كانت كلفة ذلك السلاح لا تقل عن كلفة شراء دبابة أو صاروخ أو طائرة أو سفينة حربية سنوياً، إعلامها هو سلاحها الإرهابي والتخريبي، فالتدبير والتدريب والاتصال والتخريب وإصدار التعليمات يتم عن طريقها.
خامنئي حين يرأس مباشرة تلك القنوات التي تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني لأنه يعلم أن القرار في تلك القنوات هو قرار حرب، أنت في حربك تحتاج لأداة تأثير على الرأي تأثير على الحراك على الأرض، فلا يتركه لاجتهادات.
واسمحوا لي أن أقول إننا في البحرين مازلنا نعتقد أن استخدام الإعلام في معركتنا ضد إيران لا يزيد عن كونه أداة «للتبليغ» لا أداة «للتأثير»!!
إيران تدرك تماماً أن الإعلام أداة تأثير ولاستخدامات تلك الأداة التأثيرية ملايين الطرق منها نشر الشائعة ومنها التوجيه المباشر ومنها غسل الدماغ ومنها.. إلخ، من سبل وفنون إعلامية حدث فيها ولا حرج.
كيف للبحرين أن تواجه إيران، بإعلام مهمته فقط «التبليغ»؟!! مهمة «التبليغ» انتهت من عند التلفزيونات، سحب البساط منها منذ سنوات، وأصبحت مهمة «التبليغ» أي إعلان الخبر مهمة يتسلى بها الأطفال منذ أن اخترع الهاتف الذكي ومعه تطور الإرسال والبث بالواي فاي والجي 4، وأصبحت تلك المهمة متاحة لأصغر طفل في العالم، فالتبليغ بخبر أحداث سجن جو على سبيل المثال تولاه أكثر من مليوني هاتف بحريني داخل وخارج البحرين منذ ساعات الصباح الأولى يوم الأحد، نشرها ربما طفل وهو على فراشه «منسدح» على بطنه قبل أن يخرج من تحت اللحاف في يوم كان مسترخياً به في إجازته، الطفل «بلغ» ونشر وانتهى الأمر، فما أن دقت الساعة التاسعة صباحاً إلا والخبر يأتيني من «هلي» في أذربيجان ماذا يحدث عندكم في سجن جو؟!! في حين كانت الاجتماعات تعقد على أعلى مستوى لمناقشة نص البيان الرسمي!!
خلال الساعات التي سبقت بث بيان وزارة الداخلية على قناة تلفزيون البحرين ظهراً بعد الواحدة، كان الخبر بتفاصيله موجوداً عند الوالدة الله يحفظها وهي التي لا تقرأ ولا تكتب، في تلك الساعات التي سبقت التبليغ بالخبر كانت القنوات الإيرانية تعمل منذ الصباح الباكر تبث وتنشر التعليمات وتنشر حتى مواقع نقاط التفتيش في البحرين!! كانت تحفز وتشجع وتبارك، كانت القنوات التلفزيونية تقوم بمهمة «التأثير» أي المهمة الرئيسة، أما مهمة «التبليغ» فلم تشغل نفسها بها بل تركتها للأطفال يتسلون بها!!
لم يعد أحد ينتظر «البيان» ذلك زمن انتهى إعلامياً، حتى القنوات التلفزيونية لم تنتظر بيننا ولم تنتظر معلوماتنا تصرفت وفتحت الموضوع وناقشت.
في معركتنا مع إيران سلاحها 40 قناة تستخدمها للتأثير وتدفع من أجل هذه المهمة ما يزيد عن 200 مليون دولار سنوياً، نموت هنا نحن ألف مرة لا لعجز فينا إنما لقيد علينا.
نحن لا نبحث عن سبق صحفي أو سبق إعلامي تلفزيوني من أجل السبق، نحن نتحدث عن «تأثير» على الرأي العام كسلاح لك في المعركة «الزمن» هو أحد عناصره.
«الزمن» في العمل الإعلامي هو أرض للمعركة، إن تأخرت باحتلالها سبقك إليها خصمك واحتلها هو، ونقر أننا الخاسرون دوماً في هذه المعركة، ليس لعجز في شبابنا وفي رجالنا ونسائنا، بل لأننا جنود لا نملك قرار وتوقيت احتلال هذه الأرض والوصول لها وغرس علم البحرين عليها مع الأسف!!
بقية عناصر التأثير في المعركة هي أن تكون لك الكلمة المسموعة والمرئية في الحدث، وأن يكون لك رأي ومسموع حتى يكون لك تأثير.
لذا فإن تقول البحرين إن «مركز الإعلام الأمني تابع ما بثته قناة أهل البيت التي تمولها إيران، والتي أكدت أن العملية الإرهابية التي تعرض لها مركز الإصلاح والتأهيل في جو قد تمت بنجاح، الأمر الذي يمثل دعماً إيرانياً وارتباطاً مباشراً بالأعمال الإرهابية وإصراراً على التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين» فلا يزيد ذلك القول عن تفسير الماء بعد الجهد بالماء.
لا جديد في هذا «التبليغ» هو الآخر أصبح خبراً قديماً ومتأخراً ومعروفاً لأصغر طفل في البحرين، الكل يعرف أن هناك 40 قناة تحت إمرة قائد الحرس الثوري الإيراني تعمل على «التأثير» في ما يجري عندنا في البحرين، 40 قناة تعمل «كمؤثر» في معركتها ضدك، السؤال هو لديك قناة واحدة يتيمة، هل فكرت في استخدامها «كمؤثر» بعد أن فقدت بحكم التطور الزمني دورها «كمبلغ»؟!!