الرأي

قصة الطلبة الذين رمموا البيت الآيل

قطرة وقت


هنا عنوان خبر نشرته «الوطن» في الصفحة الأولى السبت الماضي يستحق التأمل، «طلبة الرفاع فيوز الدولية يرممون منزلاً آيلاً بالرفاع خلال 73 يوماً». مبادرة تستحق الشكر والتقدير و«تستحق أن تكون قصة نجاح متميزة على مستوى البحرين وأن تكون أنموذجاً يحتذى به في مسيرة العمل التطوعي في البحرين»، كما قال محافظ المحافظة الجنوبية الشيخ عبد الله بن راشد آل خليفة الذي أقيم حفل تسليم المنزل برعايته.
القصة باختصار أن مدرسة «الرفاع فيوز» اعتمدت مشروع ترميم منزل آيل للسقوط حيث ساهم ثلاثون طالباً في إنجازه خلال شهرين ونصف الشهر فقط، وتم تقديمه لأصحابه في مناسبة وطنية هي العيد الوطني المجيد، وذكرى تولي جلالة الملك مقاليد الحكم. التكلفة تم جمعها من خلال حملة تبرعات استمرت عشرين يوماً وبلغت ثلاثين ألف دولار، وتم اختيار البيت بالتنسيق مع المجلس البلدي بالمحافظة الجنوبية. أما الناتج الأهم من البيت المرمم والذي تقطنه أربع أسر متعففة ومكونة من 13 شخصاً فكان توفير النموذج الذي يفتخر به المشاركون فيه وتفتخر به المدرسة والمحافظة الجنوبية والمجلس البلدي بالمحافظة، ويحتذى به.
أياً كانت التفاصيل، فإن مبادرة كهذه ينبغي أن تجد الكثير من التقدير من الجميع وأن يتم دراستها كمثال ونموذج قابل للتكرار، حيث يمكن للعديد من المدارس الخاصة والحكومية والعديد من الشركات والمؤسسات القيام بأنشطة يعود نفعها على الناس مباشرة، خصوصاً وأن الكثير منها لا يتطلب ميزانيات كبيرة، ولا بأس في أن ينحصر النشاط في ترميم المنازل الآيلة للسقوط، فهذا من شأنه أن يؤكد أن مسؤولية الارتقاء بحياة الناس لا تقع على كاهل الحكومة فقط وإنما يمكن لمختلف المؤسسات المجتمعية المشاركة فيها، بل يجب أن تشارك فيه.
لا أعرف إن كان قد تم تصوير الطلبة وهم يعملون في ترميم البيت بالفيديو أم لا ولكن إن حصل فإن من المهم جدا إعداد تقرير تلفزيوني يتحدث عبره المشاركون في المشروع عن تجربتهم بغية إبراز الحس الإنساني الذي يتميزون به، وبغية تأكيد هذا النهج، وأن يعاد بثه بين فترة وأخرى.
الفارق بين هذه الفكرة وأفكار أخرى كثيرة لابد أنها راودت وتراود الكثيرين بسبب توفر الحس الإنساني لدى الناس في هذه البلاد هي أنها وجدت من شجع عليها وتبناها وعمل على تنفيذها، بعدما اعتمد لها خطة مفصلة واهتم بإشراك الجهات ذات العلاقة التي لم تتأخر عن المساهمة بدورها وإزالة كل العقبات التي يمكن أن تقف في طريق الطلبة لينجزوا ما ظل يشغل بالهم وحس الإنسان الراقي فيهم.
الأمر الآخر الذي يحتاج إلى الإشادة به هو أن عملية الترميم تمت في زمن قياسي، فالعمل كان يتم خلال أيام الدراسة وفي إجازات نهاية الأسبوع أيضاً وهو ما يبين مقدار الحماس الذي كان فيه أولئك الطلبة وتعجلهم لحظة رؤية الفرحة في عيون أصحاب ذلك البيت، ويبين أيضاً مقدار الحماس الذي كانت فيه إدارة المدرسة ومختلف الجهات التي شاركت في إنجاز هذا المشروع الذي كان فكرة وحلماً وتمت ترجمته بنجاح على أرض الواقع بإصرار الطلبة وبتشجيع أولياء أمورهم الذين قدروا هذا التوجه والعزم في أبنائهم ولدى إدارة المدرسة التي وفرت هي الأخرى مثالاً يؤكد أن التربية قبل التعليم وأن النظرية إن لم تتبع بالتطبيق فلا قيمة لها.
ربما كان مفيداً تدارس جهات مجتمعية عديدة فكرة إنجاز مشروع مشترك يتم الاحتفال به في العيد الوطني القادم والذكرى التالية لتولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم في البلاد، ويكون سبباً في تأكيد أهمية العمل التطوعي وخدمة الناس، ومثالاً للتكافل والتعاون والإصرار على الارتقاء بإنسان هذا الوطن الجميل.