الرأي

النظرية الاستراتيجية.. سوريا أنموذجاً

بين السطور


الصراعات الدولية من الملفات الرئيسة التي لها دور محوري في تحديد مصير الشعوب على كافة الأصعدة، ويمكن اعتبار أن «الصراع» علم قائم بذاته، لما يحمله من نظريات ودراسات تم نشرها، ويتصدر تلك الدراسات والأطروحات العالم توماس شيلينج صاحب كتاب «استراتيجية الصراع»، والحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2005، حيث كان لكتاباته تأثير قوي في تفسير نظريات الصراع ومنها النظرية الاستراتيجية والتي تدرس أساليب النزاع والمفاوضات.
حيث يرى توماس أن «دراسة استراتيجية النزاع تعني تبني الرؤية القائلة بأن أغلب حالات النزاع في أساسها حالات «مساومة»، وتعتمد فيها كثيراً قدرة المشارك على تحقيق أهدافه على الخيارات أو القرارات التي يتخذها المشارك الآخر، والمساومة يمكن أن تكون جلية واضحة كما يكون الأمر عند تقديم تنازل ما، أو قد تتم عبر مناورة ضمنية كما هو الحال حين يجري احتلال مناطق استراتيجية أو إخلاؤها».
ولم يتوقف توماس عند ذلك، فأشار إلى «النزاع الخالص الذي تكون فيه مصالح الخصمين متعارضة بشكل كامل، ليس حالة خاصة تظهر ربما في حالة حرب تهدف للتدمير الشامل، ولهذا فإن الفوز في أي نزاع لا يحمل معنى تنافسياً بحتاً، وإنه ليس فوزاً بالنسبة للعدو، بل هو ربح بالنسبة لمنظومة قيم المرء ذاته».
يبدو أن توماس قام بترتيب أفكاره بشكل متقن حينما تحدث عن النظرية الاستراتيجية، واعتبر أن الاستراتيجية في الصراع والنزاع الدولي هي مجرد مسابقة يكون فيها اللاعبون جزءاً من تلك المسابقة، ويتنافسون على الفوز بها، وربما يكون ذلك عن طريق الوعي واللا وعي حسب ما وصفه في كتابه المذكور سلفاً.
إلا أن تطبيقات تلك النظرية نجدها في جميع الصراعات والنزاعات الدولية، والتي قد تكون هي الأساس في حالة تقييم أغلب الأحداث التي تجري في الخارطة العالمية، على اعتبار أن الصراع الذي يحدث في منطقة ما يمكن اعتباره صراعاً ليس لأجل فوز لاعب بل من أجل فوز قيم منظومته.
ويمكن تطبيق تلك النظرية على افتراض أن النزاع الذي يحدث في سوريا هو ليس صراعاً لتحقيق السلام أو لأجل تقسيم المنطقة، بل هو صراع لصالح فوز القيم التي تخص اللاعبين في تلك القضية.
ويمكن اعتبار النزاع الحادث في سوريا هو ليس نزاعاً لأغراض اقتصادية من الدرجة الأولى، وعلى ما يبدو وفق الفرضية التي طرحناها هو نزاع من أجل إعلاء اللاعبين لقيمهم، وبالتالي فإن اللاعبين فيها كأمريكا وروسيا وتركيا وإيران والدول الأخرى قد يدرك بعضهم أن نزاعهم حول تلك القضية هي مسابقة للظفر في أن تكون منظومة القيم الأقوى هي التي ستنتصر، بمعنى أن أمريكا تدفع بقيمها الرأسمالية وروسيا بقيمها الاشتراكية وإيران بقيمها العقائدية في السيطرة على ذلك النزاع، في حين هناك لاعبون ينظرون إلى ذلك بأن تضارب تلك القيم لن ينتج عنه سوى الإبادة الشاملة وهذا مثال ما حدث بحلب.
وعلى ما يبدو أن النزاعات الدولية والتي تتبناها نظرية استراتيجية النزاع قد أصابت صلب الحقيقة خصوصاً عند مناقشة النزاع في سوريا، حيث إن التقارير والدراسات الصادرة بشأن القضية السورية جميعها تذهب إلى أن النزاع لا ينحصر في عملية التقسيم بل بهيمنة المنظومات وفق قيمها وليست لأهداف اقتصادية أو تقسيمية.
* زاوية محلية:
قامت إحدى الدول المجاورة باستحداث تطبيق يمكن من خلاله للمواطنين والمقيمين معرفة أسماء المطاعم التي تم تحديد مخالفات عليها ومن ثم إغلاقها، نتمنى من المعنيين بالرقابة الصحية في وزارة الصحة أن يستفيدوا من تلك التجربة ويطبقوها كونها حقاً من حقوق المستهلك في الحفاظ على صحته.
* رؤية:
غياب الحقيقة لا يبدو إيجابياً في العلاقات بين الأفراد، ولكن غياب الحقيقة الكاملة هو الذي يؤدي إلى الوصول لمرحلة «الغيبوبة» في العلاقات الاجتماعية.