الرأي

النموذج السعودي ناجح.. قلدوه

كلمــة أخيــرة




لا بأس من التقليد، لا يوجد هناك ما يمنع من الاستفادة من عمل ناجح وتقليده، نتمنى من حكومتنا أن «تقلد» الحكومة السعودية في طريقة الإعلان عن ميزانية 2017، لا أكثر ولا أقل، لا نطلب أن تبتكر لها طريقة غير تقليدية أو تتعب نفسها وتفكر، كل ما عليها أن تأخذ النموذج السعودي الأخير في الكيفية التي تعاطت بها الحكومة مع إعلان مهم وخطير كإعلان الميزانية.
لأن عرض الميزانية عبارة عن استعراض للبرنامج الحكومي من خلال استعراض سياسة توزيع الميزانية وسياسة معالجة العجز والدين والاقتراض وزيادة الإيرادات، وتحديد من هي الجهات التي ستساهم في هذه الزيادة؟ وما هو دور المواطن وكيف سيساهم فيها؟ كل تلك المعلومات يستقيها المتلقي من عرض «الميزانية».
ذكاء التعاطي الإعلامي الجيد مع الميزانية يتمثل في الكيفية التي تجعل فيها المواطن شريكاً مع الحكومة في تنفيذ سياستها، بمخاطبته أولاً وثانياً وثالثاً، أعطني حكومة تعرف وتجيد مخاطبة الناس مباشرة لا عن طريق ممثليهم أو وسطائهم أو استكتاب صحافييهم، بل بمخاطبة وزرائها للناس مباشرة أعطيك حكومة ناجحة، وأعطيك مواطناً مشاركاً متفاعلاً، لا مواطناً «متحلطماً» لأنه «كالأطرش في الزفة».
الحكومة السعودية من خلال ولي ولي العهد أولاً وبمعونة وزرائها المعنيين ثانياً جلسوا مع كل الوسائل الإعلامية بما فيها الناشطين على التويتر وكتاب الأعمدة في الصحف ورؤساء التحرير والقنوات الفضائية قبل طرح الميزانية، أضع سطرين قبل طرح الميزانية، فلا تجد ناشطاً إلا وقد صور مع ولي ولي العهد ونشر صورته، بما فيها ناشطين كانوا مناكفين للطرح الحكومي ولرؤية 2030، ولا تجد كاتباً أو رئيس تحرير إلا وصور مع ولي ولي العهد ونشر صورته، جميعهم استمعوا إلى شرح مفصل ووافٍ وتمت الإجابة على أسئلتهم قبل الإعلان عن الميزانية، شرحوا لهم كي يشرحوا هم بدورهم للناس ما هي الأطر العامة للميزانية وما هي سياسة الحكومة تجاه موارد الدولة وإنفاقها ومصاريفها.
خرجوا من اللقاء وكل ذهب «بمادة دسمة» لا بحديث شفوي، بل مادة مكتوبة، مادة حولت بعدة وسائل إلى أبسط ما يمكن من لغة كي يفهمها الجميع، بالجرافيك بالأنفوجرافيك، بالباوربوينت، بإعدادها كي تكون برودكاست عبر الواتس أب، بتلخيصها في رسائل قصيرة جداً مختزلة، ثم استخدمت في القنوات الفضائية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
يوم إعلان الميزانية ظهرت كل تلك المواد جاهزة ومتعوباً عليها بسطت وشرحت للقاصي والداني معنى وسبب كل قرار.
كل وزير فرض عليه الظهور الإعلامي مؤتمراً صحافياً ولقاءً تلفزيونياً للتحدث للناس والإجابة على أسئلتهم وطول الصبر والبال والتحمل حتى لا تبقى أسئلة في الذهنية يتم تداولها وتنتشر كشائعة وتفسد العملية.
كل سؤال ممكن أن يخطر على بال المواطن السعودي وجد له الجواب المبسط المشروح باختصار وبلغة مفهومة.
الضريبة، الرسوم، رفع الدعم، شرحوها بشكل مفصل، وشرحت جدولتها الزمنية للناس، متى وكيف وكم سيكون التعويض؟ ومن مستحقه وكيف سيحصله؟ بأساليب مبسطة جداً.
أصبحت الميزانية حديث الناس العاديين لا حديث نخبة واقتصاديين ولجان المالية في السلطة التشريعية فحسب، شرحهم وصل لوسائل التواصل عندنا في البحرين، حكومة المملكة العربية السعودية ظهرت بصورة لائقة، صورة حكومة لا تخشى الناس حكومة تحترم الناس حكومة لديها أكثر من متحدث لبق يعرف كيف يتواصل، حكومة ألزمت جميع وزرائها بالتحدث بلغة واحدة، الإعلام السعودي رسم الخطة كاملة والوزراء التزموا بها، أعطوا الخباز خبزه فعرف كيف يروج ويسوق بشكل جيد لبرامج وسياسة الحكومة، لهذه الأسباب مجتمعة ارتفعت أسهم البورصة في اليوم التالي والشاشة كانت كلها خضراء وأشادت الأسواق والجهات المعنية الرقابية على القطاع الاقتصادي داخل وخارج المملكة بالخطة وبسياسة السعودية.. حكومة واثقة.. سوق ثقة.
قد تكون برامجنا أفضل وسياستنا المالية أفضل وقد تكون لدينا الحلول ولدينا قصص النجاح ولكن.. وتوقفت شهرزاد عن الكلام المباح لأن هناك دوماً من يفسر هذا الكلام على أنه ضد الحكومة وضد المسؤولين وضد البحرين.
هي كلمة أخيرة.. لا يوجد ضرر من اقتباس النموذج الجاهز وتقليده قبل تسليم الميزانية للنواب، وفي الأخير خليجنا واحد.