الرأي

السؤال الذي لن يفهمه حكام إيران!

خارج النص



يمثل الشيخ حسين المؤيد حالة استثنائية تستحق الدراسة، فهو كان رجل دين شيعياً وصل إلى مرتبة آية الله، ثم تحول في العام 2005 إلى التسنن بعد دراسة معمقة للواقعين الديني والسياسي للشيعة، وأصبح اليوم من علماء الشرع عند أهل السنة، وأستاذاً جامعياً في هذا المجال، وبغض النظر عن الشق الديني في قرار التحول من التشيع إلى التسنن، إلا أن ما يلفت الانتباه في الرجل دعوته الصريحة إلى تفكيك إيران وعلى وجه الخصوص بصفتها إيران الشيعية.
وما يقوله الشيخ المؤيد لا ينطلق من فراغ، وإنما يستند إلى حقائق التاريخ وإلى وقائع السلوك الإيراني المتعجرف والمتغطرس والمليء دموية وإجراماً. فالتشيع انتشر كحالة طارئة مفروضة على غالبية المدن الشيعية بما فيها النسبة الأكبر من المدن الإيرانية نفسها، بينما الأصل أن هذه المدن حين دخلت في الإسلام دخلته على مذهب أهل السنة، وما حصل بعد ذلك أن الشيعة سيطروا عليها، «بالقوة في مقاطع تاريخية كان التشيع طارئاً عليها وليس للطارئ حكم الأصيل»، كما يشرح المؤيد.
لكن أهمية ما يقوله الشيخ المؤيد لا تتوقف فقط في السياق التاريخي، فقد كنا أشرنا في مقالة الأسبوع الماضي إلى انتشار التسنن لدى عرب الأحواز المحتلة كرد منهجي على العنصرية الفارسية والشوفينية الصفوية، ولكن هذا الأمر في الواقع لا يقتصر على العرب وحدهم، وإنما يتعداهم إلى بقية الشعوب المظلومة الواقعة تحت الاحتلال الصفوي الفارسي الغاشم.
ويتجاوز انتشار التسنن بين الشيعة حدود إيران إلى ما جوارها، وأعتقد أن هناك أرقاماً لافتة للانتباه في دول الخليج وحتى في العراق ولبنان، ومع تعدد المسارات التي ينتقل عبرها الأفراد من التشيع إلى التسنن، إلا أن القاسم المشترك وفقاً لإفادات عديدة منشورة هو الاشمئزاز والرفض لكل ممارسات إيران وجرائمها التي ترتكب باسم المذهب الشيعي وآل البيت الأطهار وهم رضوان الله عليهم أبرياء من هذا الإجرام والإرهاب.
إن تفكك إيران الشيعية مسار حتمي إذا استمرت في الطغيان والإجرام والتعجرف والظلم والعمل المنظم على إعادة تكوين هويتها الصفوية المجوسية، وكما نلاحظ فإن أول من يتخلى عنها هم أبناء المذهب الشيعي أنفسهم، الذين تزعم كذباً وافتراءً أنها تدافع عنهم، بينما هي في واقع الأمر تستغلهم أسوأ استغلال. ولا أعتقد أن شيعياً عاقلاً مخلصاً صادق الإيمان بالله ورسوله ومقلداً لأئمة آل البيت الأطهار يمكن أن يقبل حتى في اللاوعي أن ترتكب كل هذه الجرائم الوحشية باسمه وباسم مذهبه وهو يعلم في ضميره وعقله أنها مجرد أجندات سياسية خدمة لأهداف التوسع الصفوي الفارسي لا أكثر.
أما الذين باعوا أنفسهم للشيطان، فلن يتورعوا حتى عن أن يشاركوا في الجرائم بأياديهم ويقنعون أنفسهم بعد ذلك أنهم قتلوا الأطفال والنساء ثم صلوا خلف النبي عليه الصلاة والسلام كما زعموا في حلب، والنبي الأعظم براء منهم ومن إجرامهم، وحاشاه وهو نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين فكيف مع المسلمين.
إن تفكك إيران كما أسلفنا عملية داخلية ذاتية، ولكنها في نفس الوقت ضرورة إقليمية وحاجة دولية، وما انتشار التسنن على النحو الذي أشرنا إليها إلا وجه واحد من أوجه هذا التفكك الذي يحمل وجوها عديدة، وهذا ما يعيدنا إلى السؤال الذي لن يفهمه حكام إيران المملوءة عقولهم وقلوبهم الخاوية غطرسة وتعجرفاً وهو: هل تبادر إيران إلى تقليم مخالبها بنفسها قبل فوات الأوان، أم أنها تحتاج إلى «مساعدة»؟