الرأي

عن واقعية وشفافية سمو ولي العهد

قطرة وقت



المقابلة التي أجراها مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، الإعلامي تركي الدخيل، وبثتها قناة «العربية»، مؤخراً، كانت شاملة وتميزت خلالها الإجابات والمعلومات التي وفرها صاحب السمو بالصراحة والواقعية. في تلك المقابلة الثرية تحدث سموه عن إنجازات مجلس التعاون وانتقده وأضاء جوانب من مستقبله، وتحدث عن الاقتصاد، وما تحقق في هذا الحقل، وانتقد وأضاء جوانب من مستقبل البحرين في ظل ما تم اعتماده من خطط للارتقاء بالاقتصاد، وتحدث عن الشباب والبنية التحتية والمشاريع المحلية والخليجية التي يتم تنفيذها وتلك التي ستليها وعن العلاقة مع المملكة المتحدة التي تدخل مئتها الثالثة، ومع الولايات المتحدة في ظل رئيسها الجديد، وعن موضوعات عديدة بالطريقة ذاتها التي عهده بها الناس في كل مكان، فسموه يتحدث بشفافية وصراحة تجعل المتلقي يتمنى على الإعلامي الذي يحاوره الخوض في كل ما يشغل باله ويبحث له عن إجابة أو تأكيد.
كان لافتاً في المقابلة أن صاحب السمو يركز على أس الموضوع ويبتعد عن التفاصيل غير ذات القيمة، من ذلك على سبيل المثال تركيزه فيما يتعلق بمجلس التعاون، وما إذا كان سيتحول قريباً إلى اتحاد، تركيزه على بيان ما تحقق ويتحقق من تعاون في مجالات الأمن والدفاع المشترك والموقف السياسي الواحد، على اعتبار أن تحقق هذه الأمور وغيرها وتطورها من شأنه أن يؤدي بعد فترة من الزمن بشكل تلقائي إلى الاتحاد، أي أن سموه أراد أن يقول إن العنوان ليس أهم من المضمون فالأهم هو أن نكون متحدين عملياً وإن لم يؤطر الاتحاد بهذا العنوان أو ذاك. لم يهتم سموه بتحديد تاريخ لتحقق هذا الأمر أو ذاك، سواء فيما يخص مجلس التعاون أو أي مشروع أو ملف محلي، حيث الأهم حسب رأي سموه هو إيجاد البيئة المفضية إلى تحقق الأهداف الموضوعة وليس التفاصيل التي يسهل الغرق فيها.
المقابلة التي أجريت مع صاحب السمو ضمن مشاركة سموه في مؤتمر مؤسسة الفكر العربي «فكر 15 في أبوظبي» أوصل من خلالها العديد من الرسائل المهمة، منها على سبيل المثال، ضرورة وضع حد للخلط المفضي إلى الفوضى فيما يتعلق بدور رجل الدين الذي يفترض أن يكون متخصصاً في مجاله مثله مثل الطبيب والمهندس وغيرهما، فلا يدخل في مساحة غيره ويتحول إلى مرجع سياسي ويفتي سياسة، ومنها على سبيل المثال أيضاً تأكيد سموه على أن السلطة واعية لكل ما يدور من حولها في المنطقة وفي الداخل وأنها تتعامل مع ما يجري بواقعية وعينها على المستقبل، ومنها أيضاً أن موضوع إيجاد حل لأزمة الكراهية والطائفية يشغل بال المسؤولين في المملكة، وأنه بالتالي تتوفر العديد من التصورات في هذا الخصوص مثل «أن تضع نفسك في خدمة كيان أكبر من عرقية أو طائفية أو غيرها.. وهو الوطنية أو العروبة» كما قال سموه.
النظرة الواقعية لصاحب السمو تأكدت أيضاً في بداية المقابلة، فعندما قال له الدخيل «إن معظم الخليجيين محبطون من مجلس التعاون لأنه لم يحقق طموحاتهم، قال سموه «هذا شيء يسرنا»! وشرح بقوله «لأنه مؤشر على أن الشعوب الخليجية تتمنى الأكثر»، وزاد «وأنا فعلاً أشاركهم هذا الشعور بأن علينا واجب تقديم المزيد من الإنجازات»، لكن سموه أوضح أيضاً -وهنا تتأكد واقعيته ونظرته المتوازنة للأمور- بقوله «لكن هناك أشياء كثيرة تحققت ربما اعتبر البعض عدداً منها مسلمات والناس تعودوا عليها»، ووفر العديد من الأمثلة التي تعزز هذا الرأي وتوازن بين ما تحقق وما يطمح إليه المواطن الخليجي.