الرأي

البحرين.. الملاذ والأمان

إشراقة



الوطن لا يقاس بحجمه، ولكن يقاس بوجداننا المتعلق به وارتباطنا بكيانه، فهو الذكريات والأرض التي نبتنا فيها وتعلقنا بأرجائها، والبحرين أرض اللؤلؤ الناصع الدال على مدى صفاء هذا البلد الذي يستحق كل الحب والتقدير منا، فقد تعاهدنا على حبه وعشق بحره الذي ذرع فينا الحرية، وهوائه الذي تتطاير معه معاناة الحياة، وذقنا فيه رغد العيش، وتألمنا لفراقه إذا وجب علينا.
لقد أتى العيد الوطني كي نجدد الولاء والحب لهذا الوطن ولقيادته الرشيدة التي استطاعت أن تبحر بنا إلى بر الأمان، ناجين من المنعطفات والعواصف لكي تصل بنا إلى رفعة أرض اللؤلؤ، وعلو شأنها وشموخ قيادتنا، انطلاقاً إلى التطور التي تطمح إليه قيادة البلد، فقد تطورت البحرين منذ بدء الألفية الجديدة، ومن عاش في البحرين يعلم مدى التغير الذي صاحبها ويلحظ التطور المذهل في جميع المجالات، على مستوى التعليم والفنون والمعمار، حتى صارت البحرين قبلة يتطلع لها من يبحث عن صفاء النفس والسريرة.
وطني بدونك أنا غريب، جلت في صفحات الشعر والأدب لم أجد كلمة تغنى بها الكتاب والشعراء مثل كلمة الوطن، ففي حبك نظمت أعذب الأغنيات وأرق القصائد، وكيف لا يغنيك الشعراء وأنت نبع الأماني والأمل، وطني بدونك أنا غريب، لا هوية فلا ثوب للعزة ألبسه، ولا تاج للكرامة أتحلى به، وطني بدونك أنا غريب، لا أرض سواك تستوعب آمالي وأحلامي، لا أرض أزرع فيها طموحي وأبني عليها مستقبل أبنائي.
وطني بدونك أنا غريب، لا أرض سواك تحمل ذكريات، ملعبي وملعب صحبتي، مسكني ومسكن أهلي، وتاريخ سطره على سطحك أجدادي، فجذوري مزروعة في ترابك، أرتوي منه وأعلو وأسمو عليه، وطني سأروي ترابك بعرقي، وأجود لك بكل غالي، أروي ترابك بعرقي بجهدي بدمي بروحي، لأني بدونك أتجرع مرارة الغربة.
وطني أنت ملجأ القلب والروح، والملاذ والأمان الذي يضم جميع أبنائه، ويصون كرامتهم وعزتهم، وطني أنت أكبر من مجرد كونك مساكن وبيوت وشوارع، أنت ملجأي والمكان الذي تسكن إليه النفس، لترتاح وتهدأ، أنت الحضن الكبير الذي يحويني، ومهما ابتعدت أبقى دائماً معلقة به، وأتمنى العودة إليك سريعاً، ففي سفراتي لا يهنئ مضجعي ويبقى الحنين والشوق يخالج صدري، فعشقي لأرض وطني وترابها وسمائها يملأ وجداني، وطني بدونك أنا غريب.
فأنت أثمن نعم الله علينا، ففيك الأمان والأمن والرخاء، فصدورنا تجيش مشاعر الولاء والانتماء لك، فحبك هو شعور فطري أوجده الله تعالى في قلوبنا جميعاً، وحروفنا التي خطت بأيدينا ما هي إلا ترجمة لمشاعر فاضت حباً لك.
وطني لك في وجداني صدى أعتز به، وطني نستنشق في هواك التسامح، فأرضك مهد للتعايش، فأنت حضن يحتوي كل أصحاب الديانات والطوائف والثقافات المختلفة، فاجتمعوا على حبك، ونهلوا من خيراتك، واستراحوا على ترابك، فأنت وطن للجميع.
أنت وطن يأنس فيه السائح، ويسعد في رحابك، فها هم السياح من مختلف الجنسيات، اجتمعوا على أنك ارض يستجمون فيها ويلقون بهموم دنياهم في بحرك، ويجددون نشاطهم بهواك، وينعمون بتنوع خيراتك ويسعدون بكل ما فيك من أثار وشواهد للحضارات التي عاشت على ثراك، ويجدون سكينتهم بين شعبك الذي تربى على الحب والعطاء حتى صار شعباً مضيافاً.
وطني كم تغنيت بقول الشاعر:
بلادي هواها في لساني وفي دمي
يمجدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خير فيمن لا يحب بلاده
ولا في حليف الحب إن لم يتيم
ومن تؤوه دار فيجحد فضلها
يكن حيواناً فوقه كل أعجم
ألم تر أن الطير إن جاء عشه
فآواه في أكنافه يترنم
ومن يظلم الأوطان أو ينس حقها
تجبه فنون الحادثات بأظلم
وما يرفع الأوطان إلا رجالها
وهل يترقى الناس إلا بسلم
وطني.. أنا ذاك الأبي الذي يقدر كل ما وهبته له، أنا ذاك الأبي الذي يرى عطاياك ديناً في رقبته، أنا ذاك الأبي الذي يأبى أن يبيعك أو يدنس ثراك غريب، فاليوم في عيدك المجيد أتلو يميناً بأن أجعل روحي حصناً لك، وأن أجعل دمي سقياً يروي ترابك لتعيش حراً، فعش يا وطني حراً أبياً.