الرأي

الأمن الخليجي.. وقمة المنامة المقبلة؟

مدارات


القضية الأساسية التي يجب أن تكون محط اهتمام قادة دول مجلس التعاون في القمة المقبلة هي تحقيق الأمن لشعوبهم، فدول مثل دول الخليج العربي التي تمتلك ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط الذي هو شريان الحياة لأمريكا وأوروبا والعالم، والموقع الاستراتيجي لهذه الدول، يجعلها في محل اهتمام دائم من قبل كثير من الدول وأطماعها، وخاصة دولة كإيران التي مازالت تزعزع استقرار المنطقة.
ولقد ظلت دول الخليج العربي تعتمد في أمنها على اتفاقات أمنية تعقدها مع الكثير من الدول الكبرى وخاصة أمريكا والدول الأوروبية، ولكن بعد الاتفاق الإيراني مع دول «5 + 1»، أصبح على دول الخليج أن تستبدل هذه المعادلة وتفكر في تحقيق الأمن الذاتي لدولها، والاعتماد على نفسها وعلى تعميق علاقاتها مع محيطها العربي، وخاصة مع مصر، وذلك أمر تفرضه عليها جملة من المتغيرات الإقليمية والدولية، ولنا في التاريخ عبر ودروس، فلقد تخلت أمريكا عن الشاه في إيران الذي كان يسمى شرطي الخليج، وعن الرئيس الأسبق حسني مبارك، رغم أنه عقد اتفاقات مع إسرائيل. إن أمريكا مازالت تحكمها المصالح في علاقاتها مع الدول، ولا محل للمبادئ في سياساتها الخارجية مع الدول، من هنا يجب أن تعي دول الخليج العربي هذه الحقيقة وتجعلها نصب عينها.
ولذا يجب أن تعمل دول الخليج العربي على تحقيق التوازن العسكري، خاصة أنها تقع وسط مجموعة من الدول التي تمتلك السلاح النووي، ومن هنا أصبح مشروع بناء مفاعل نووي أمراً تفرضه ضرورات المرحلة، خاصة بعد ثلاث حروب إقليمية قامت في المنطقة تضررت بسببها دول الخليج العربي أمنياً واقتصادياً، ولذا فلا أمن خليجياً من دون امتلاك دول الخليج لمفاعل نووي، فإيران التي شرعت منذ فترة في امتلاك هذا النوع من السلاح أصبحت مصدر تهديد لدول الخليج العربي، خاصة أن الاتفاق الذي جرى بين إيران ودول «5 + 1» جاء ليعطي إيران قوة زخم في المنطقة. إن الدول المحيطة بالخليج العربي أصبحت جميعاً تمتلك هذا النوع من السلاح، وإن الأمن الخليجي يتطلب التفكير في امتلاكه، مادام السباق النووي مازال محموماً بين إسرائيل وإيران وباكستان والهند. إن الاعتبارات الأمنية هي التي يجب أن تكون المحفز الأساسي وراء حتمية أن تمتلك دول الخليج السلاح النووي، اعتماداً على افتراض أن الأسلحة النووية ستجعلها أكثر قوة وردعاً، ويوجد نوع من توازن القوى يجعل إيران وغيرها تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على عمل عسكري، كما أن هناك أحداثاً تجعلنا ندق ناقوس الخطر وندعو إلى التفكير في مشروع بناء مفاعل نووي خليجي.
يجب على دول الخليج العربي أن تعي أن التحالفات الدولية الجديدة أصبحت تتغير بين ليلة وضحاها، وأوضح دليل على ذلك هذه التناقضات في السياسة الأمريكية كأكبر دولة في العالم، فما الذي جعل أمريكا تتقرب من إيران بعد أن كانت عدوها الأكبر؟ هذا غيض من فيض مما يجري على الساحة الدولية، وبالتالي على دول الخليج العربي ألا تنتظر حتى يأتي ذلك اليوم الذي تقول فيه: «أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض». إن القدرات العسكرية التقليدية لدول الخليج العربي لاتزال في حاجة إلى الزيادة، مقارنة بدول أخرى في المنطقة، وذلك نظراً لقلة عدد سكانها، وهذا يستوجب مزيداً من التنسيق الأمني بين دول الخليج في مواجهة الأطماع التوسعية التي مازالت هي الخطر الأكبر على دول الخليج، فهناك مساحات شاسعة فيها ثروات طبيعية ونفطية على مساحة كبيرة مكشوفة تجعلها أكثر الأماكن التي تتطلب الحماية المستمرة، من الناحية الأمنية، ويتطلب هذا أيضاً حماية الحدود ويسري هذا على جميع دول مجلس التعاون التي تهددها أخطار من حولها! وما حدث في البحرين في فبراير 2011 يبين أن إيران تقف وراء كل هذا.
إن هناك أكثر من خطر يهدد دول الخليج العربي، أولها الخطر الإيراني وما يجري في اليمن من تزايد قوة المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران، وتداعيات ما يحدث في العراق وسوريا، والخطر المستمر على المنطقة وهو إسرائيل، كل ذلك يفرض على هذه الدول ألا تنتظر حتى تباغتها الأحداث، إنما يجب أن تدرك دول الخليج أنها في سباق تسلح مع الدول المجاورة لها. ومن جانب آخر هناك أخطار داخلية في دول مجلس التعاون يجب ألا يستهان بها، ممثلة في الخلايا النائمة لـ«حزب الله» في بعض دول الخليج، كل ذلك يدفعنا إلى أن نعزز أمننا في دول الخليج العربي. إن القوة هي التي تصنع السلام والأمن، ولا نحتاج للتذكير بالزلزال الذي حدث بالقرب من مفاعل بوشهر الإيراني القريب من دول الخليج، وما كاد يؤدي إليه من تسرب نووي لهذه الدول.. من كل ذلك ينبغي أن ندرك أن أمن دول الخليج يجب أن يصبح من مسؤولية دول الخليج وحدها ومن أولويات المرحلة فهل تحقق قمة المنامة المقبلة مزيداً من التنسيق في هذا المجال؟